قصص قصيرة صالح بن حسين المحضار
|
1 الطريق.. إلى نهاية
هذه الصغيرة.. كنت قد (أنقدتها) خمسة ريالات كاملة، قبل أن تقفل إلي راجعة لتخبرني أن الخمسة التي أخذَت لم تكن تكفي لما أرادت شراءه بها!
الموقف كان ساخناً.. لكنه كان كذلك للوهلة الأولى.. ثم (انتحر) فجأة كل شيء.. أنا الآن (أتطفل) على ما تريد شراءه هي، وأحلل ما سأدفعه من أجلها.. لقد أصدرت لها أمراً (استثنائياً) كي تحصل على ما تريد.. كان ذلك مما لا أود تكراره مستقبلاً أو هكذا سولت لي نفسي..
الصغيرة.. تطلق ساقيها للريح وهي تحمل إلى أمها (قفصاً) يحمل روحين صغيرين من العصافير..
أظنها كانت (سبّابة) أقسم أنني لم أحفل طوال حياتي بمثلها.. إنها تريني الآن (ملامح) خدش صغير كان قد (خلّفه) ضرب أمها لها لأنها جلبت ما لا قدرة لها على إطعامه.
لقد رأته (الكبيرة) عبئاً كبيراً يتغلغل في (أحمالها)..
أقف الآن أمام واحدة من أكثر (مشاهداتي) إثارة لمشاعري.. أجد نفسي ككاتب قصة وهو (يعترف) بعجزه عن وضع نهاية مناسبة لقصته..
الآن.. أقدم القصة كاملة إلى (المخرج) راجياً إياه وللمرة الأولى أن يكتب النهاية التي يريد،
2 السارق الصغير
ذلك البائع المتجول الصغير.. كان قد سرق (حافظة) نقودي قبل يومين.. ما كان بها كثيراً.. لكنه استولى عليها أثناء إخراجي لها ثم ولى نافثاً غبار قدمين..
...
ذلك (الصغير) استولى على ما قصدته من دفعي لعربة (السوبر ماركت) كما لو كانت عربة سينمائية وقفت أنا دونها غير قادر على دفع أجرة ما بها..
قلت كل ذلك لنفسي وغيره كثير وأنا أقف بسيارتي في ذات الموقف الذي أخذتها منه قبل يومين بعد أن (أفلت) الصغير!
الآن هو تماماً في (مواجهتي).. الويل له.. سأنال منه ثم.. ثم.. ثم ماذا!؟
إنه لا يتجاوز العاشرة بحال، بل هو دون ذلك بنصفه.. ياللصغير! ولكن لا بأس من تأديبه، بل لابد من ذلك، سأضبطه متلبسا وسأطالبه حينها بسداد كل ما عليه.. فلم يمض بعد وقت طويل يساعده في إهدارها.. طبعا.. سأكون أكثر حذراً هذه المرة.. هو لن يغادر المكان، فالناس مازالوا يتوافدون (وحداناً) وبعض زرافات..
ألملم على عجل طامع ما اقتضته الضرورة القصوى.. ثم أسرع إلى (الكاشير).. أقف الآن خلف من سبقني إليه.. أستشعر الحذر الذي سرعان ما تدفق لأشعر به يدفعني إلى استخراج حافظتي كي تحفظ لي رصانتي أمام من سبقتهم.. أكاد أزهو.. (فالمؤمن) لا يلدغ من جحر مرتين.. وهذا (الجحر) هو ذاته الذي مرّرت من خلاله (خيبتي) قبل يومين اثنين فقط.. سأفقد إيماني إن فعلها ثانية.. أنقد البائع بخمسمائة ريال زرقاء أبالغ في إظهارها كما لو كنت بائعا يتفحص خلوها من (شوائب) الدهر..
سينبت الصغير الآن.. أتوجس كمن يبحث عن (كاميرا) قبل أن يسرق شيئا بيد أن الصغير لم يظهر بعد، وأنا بالمناسبة لم أسرق شيئاً.. ورمضان لم يأت بعد.. حتى رمضان ما عاد يفرض قيوداً.. فالضرورات تبيح محظورات رمضان.. لعله يهرب بصيد آخر أكثر وفرة..
أفقد حذري لوهلة قبل أن أواصل بحثي عن الصغير الذي يفاجئني (كحملٍ) وديع.. كهرة ابنتي الصغيرة..
إنه يعرض علي الآن قطعتين من اللبان بريال واحد فقط.. سعر (الجملة) كما يثق وهو يقول.. وأنقده المبلغ.. وأترك اللبان.. ثم أمضي.
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|