الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 27th October,2003 العدد : 34

الأثنين 1 ,رمضان 1424

أمكنة النساء
د. جريدي المنصوري
إن ربة البيت وهي تنظف المنزل إنما توقظ قطع الأثاث من نومها وتتحدث إليها بطريقة خاصة، هكذا قال باشلار، أما معجب العدواني فإنه وقف عند أماكن أخرى للنساء، لقد اختار الأمكنة الفنية التي شيدتها المبدعات في القصص والروايات، انها امكنة جديرة بالتأمل والوقوف عندها طويلا وكثيرا، فهناك تقوم الكاتبة ببناء المكان وتشكيله وفق اعتبارات معرفية وفنية معينة، إنهن يرسمن الاشكال وينتقين الاسماء، ويصفن الأمكنة الاليفة حيث العشق ومباهج الحياة ولذة الوجود، كما يصفن الاماكن المعادية كالسجون ومراكز البوليس وفضاءات الضياع والتشرد والموت.
في كتابه الذي صدر مؤخراً وهو الأول له يطوف الناقد معجب العدواني حول جملة من القضايا السردية منطلقا بالدرجة الأولى من العتبات التي تمثل الإطار المحيط بالنص والذي اهتمت به الدراسات الحديثة، إنه يتأمل صورة الغلاف وعنوان العمل الأدبي، ويحاور عبارات الإهداء وينظر في طريقة توزيع العمل على الفضاء الذي يقابله المتلقي قبل ان يدلف الى قراءة العمل ويلج عالمه، ويجتهد الناقد العدواني في البحث عن العلاقات والروابط بين هذا وذاك، بل إنه يلتمس مفاتيح الأعمال الإبداعية في عتباتها، ومن المؤكد ان مجموعة من المفاتيح كانت مخبأة هناك، في حين لا يزال بعضها في أماكن سرية وخفية عن عين الناقد، فالنساء قبل غيرهن يعرفن خطورة المفاتيح وانه من الأهمية ان تبقى بعض الأشياء محمية بأقفالها، وما يحيط بها أحياناً من طلسم تجتهد مناهج البحث في فك رموزه، والوصول الى عمق النص، ولأمر ما ربط ابو تمام بين الشعر والعذراء، وذهب نقاده الى ان خير الأعمال الأدبية ما يعطيك معناه بعد عناء ومماطلة، ومن المؤكد ان الوصول الى العمل يمر بالعتبات التي يطأها المرء قبل دخول المنزل، ثم يلج ويدخل ويتحرك بالداخل، وكثيرا ما كان العدواني يقف هناك على مشارف الأعمال الأدبية يتأملها من بعيد ولا يغوص كثيرا في التفاصيل، إنها حالة تشبه الوقوف عند مقدمات القصائد في الشعر القديم وتأمل تلك الأمكنة والبحث في صلتها بالغرض الأساسي.
ولهذا تحدث معجب العدواني عن «شعرية العنوان» في بعض روايات رجاء عالم، واضاف روايات لرجلين هما غازي القصيبي وعبده خال، وكأنه التمس شيئاً في «قرية» عبده جعله يضمه كما في «العصفورية» و«شقة الحرية» من مظاهر التأنيث، وقد تجلى اهتمامه بالرواية النسوية في اختيار للأعمال التالية:
1 «رباط الولايا» لهند باغفار.
2 «اللعنة» لسلوى دمنهوري.
3 «آدم يا سيدي» لأمل شطا.
4 «مسرى يا رقيب» لرجاء عالم.
لقد أبرز المؤلف تشكيلات فنية استثمرتها الكتابات بخاصة في بناء المكان الروائي وتأثيث الفضاءات جماليا، الأمر الذي يتضح من حديثه عن المكان المنفى، والمكان المغلق، والمكان الأسطوري، والمكان الفاعل السردي، وقد كان المؤلف على وعي بالعلاقات بين الأعمال التي يتناولها بالدرس، بل إنه اجتهد في البحث عن التداخل والتقاطع النصي كما هو الحال في الربط بين «طريق الحرير» و«مسرى يا رقيب»، وكذلك البحث في التداخل النصي بين «العصفورية» و«سقيفة الصفا».
ومن الواضح ان العدواني هنا يواجه معظم الأعمال التي كتبها رجال من جهة سلطة المؤنث سواء على مستوى العلامة أو العلاقة، فبعض تلك الأعمال نظر إليها من جهة العلامة كما هو الحال في «ريح الكادي»، مع «صالحة»، واعتد بالعلاقة حين نظر الى «حوش الغلابا» حيث جعل كاتبها يرتهن الى ما كتبته هند باغفار في عملها «رباط الولايا».
وهذه القدرة على الربط والاهتمام بمثل هذه الأمور شغله عن الإفادة من عدد من المراجع الحديثة في موضوعه، والواقع ان السنوات العشر التي تلت صدور كتابي «شاعرية المكان» قد شهدت اهتماما بهذا الموضوع وبخاصة على مستوى البحث في الرواية، ومهما يكن من أمر فإن العدواني بعمله النقدي هذا يعتبر سابقا على المستوى التاريخي في البحث عن تشكيل المكان في الرواية المحلية حتى وان وقف عند العتبات..!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
تشكيل
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved