الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 30th August,2004 العدد : 74

الأثنين 14 ,رجب 1425

(مشية السرطان)
أحدث رواية للأديب الألماني جونتر جراس
* قراءة عباس المدهش الرياض
تجاوزت شهرة الروائي، الشاعر، الكاتب المسرحي والنحات الألماني جونتر جراس العالم قاطبة، خصوصاً بعد حصوله على جائزة نوبل في الأدب لعام 1999م.
وتعتبر أعماله الروائية والشعرية صدى للجيل الألماني الذي نشأت في ظل الهيمنة الهتلرية النازية وتجاوزاهما لما بعد الحرب العالمية الثانية، واشتهرت روايته الطبل الصفيح عام 1959م والتي تتمحور حول قصة قزم يرفض أن يستبدل بقامته القصيرة قامة ممشوقة لكي لا يضطر إلى خوض غمار الحرب، وتلتها روايات عديدة أهمها (القط والفار) و(نداء الضفادع) و(الحقل الواسع) و.. إلخ.
وتأتي روايته الجديدة (مشية السرطان) الصادرة في عام 2002م ليعود فيها جراس مرة أخرى إلى منابع طفولته في بروسيا الشرقية وإلى الرايخ الثالث والحرب العالمية الثانية، وبالتحديد إلى ليلة الثلاثين من يناير كانون الثاني عام 1945م، في تلك الليلة أطلقت إحدى الغواصات الروسية طوربيداً على السفينة الألمانية (فيلهلم غوستلوف) التي تكدس على ظهرها حوالي عشرة آلاف شخص معظمهم من المشردين الهاربين من الجيش الأحمر الزاحف إلى بروسيا الشرقية، واضعين آمالهم في النجاة على السفينة، إلا أنها قادتهم لملاقاة الموت، حرقاً أو غرقاً أو تجمداً في مياه بحر البلطيق التي وصلت برودته آنذاك إلى 18 تحت الصفر.
تبع الطوربيد الأول اثنان آخران، وعندما تنفس الصبح كان حوالي تسعة آلاف إنسان قد لفظوا أنفساهم الأخيرة، من بينهم أربعة آلاف طفل ورضيع، ومن بينهم أيضاً أكثر من ألف جندي من جنود البحرية الألمانية، فالسفينة لم تضم مدنيين فقط.
كان غرق السفينة أكبر كارثة عرفتها ملاحة البحار ومع ذلك نسيها العالم على عكس ضحايا السفينة الألمانية ومن ثم البريطانية (التيتانيك) مثلاً والذين لم يتجاوزوا 1500 شخص، أما غالبية الألمان فقد تناسوها بعد الحرب وهل كان بالإمكان التحدث عن الضحايا من المدنيين الألمان، وهم أو جنودهم، الذين تسببوا في أكبر حرب عرفها تأريخ البشرية؟
وبهذه الرواية (مشية السرطان) استطاع جراس أن يحقق فيها ما لم يستطعه غيره من الكتاب والرواة الألمان بل ويجعلها متربعة على رأس قائمة أحسن المبيعات في ألمانيا، وقد أحدثت في نظر معظم النقاد معجزة في عالم المبيعات الروائية في ألمانيا، بل وأحدثت أيضاً نقلة نوعية في النظرة الجديدة للماضي الألماني المسكوت عنه، وهذا ما حدى بالكاتب فالتر كمبوفسكي أن يشعر بالإهانة كون كتاباته حول الموضوع ذاته لم تلق اهتماماً شبيهاً، كما حصل بالنسبة لجراس، وكذلك الأديب مارتن فالزر الذي وصف جراس بأنه ظاهرة ألمانية عامة وحتى آراءه تأخذ بعداً سياسياً ناهيك عن أدبه المتوج بجائزة نوبل العالمية.
الرواية واضحة التقسيم وبنية المعالم وبطريقة جراس الأدبية المعهودة استطاع إيضاح رؤية مؤثرة من خلال سفينة (فيلهلم غوستلوف) ولهذا أحسن جراس صنعاً عندما لجم موهبته القصصية الفذة ورغبته العارمة في إلقاء الدروس مكتفياً برواية قصيرة اعتمد فيها أسلوباً صحفياً تقريباً، أما الثمرة الحقيقية فهي تبيانه عن كيف تغيرت نظرة الألمان إلى الماضي النازي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالتالي كانت الرواية تعليمية تدحض زيف القصص، كل القصص، التي لم تلامس الواقع ولم تقترب من الحقائق التاريخية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved