الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 7th February,2006 العدد : 159

الثلاثاء 8 ,محرم 1427

بين الإفراط والتفريط!
يبوح المرء أحياناً وعلى غير عادته بما لديه من أسرار إلى أقرب الناس إليه، ملغياً بذلك مبدأ السرية أو التحفظ التي تسود عادة العلاقات بين الناس..
يريد في هذا أن يتعرف على وجهة نظر من يتحدث إليه، أو أن يستمع إلى رأي سديد منه، أو مشورة ربما تفيده، أو مشاركة وتبادل في الرأي حول قضية أو موضوع بهدف الاستئناس بالرأي الآخر.
***
المرء معذور أحياناً إن هو أحاط خصوصياته بشيء من الاحتفاظ بها لنفسه..
ومن الطبيعي عدم إفشاء المرء لأسراره في بعض الأحيان، أو تعريف الناس بها، أو نقلها إلى الآخرين دونما سبب يبرر لذلك.
***
لكن بعض الناس يموت على كنز كبير من الأسرار..
يخلف وراءه ألغازاً كثيرة، وأسراراً مهمة، وتساؤلات لا نهاية لها..
وخفايا لا يعلمها أحد بما في ذلك أقرب الناس إليه..
مع أن بعضها من المفيد أن يكون أهله وأصدقاؤه ومن هو قريب منه على علم بها، كل وما يخصه وبما يكون مفيداً أن يعلم به من هذه الأسرار.
***
الغالب الأعم، أن المرء يموت ولا يضمّن وصيته بكل ما لديه..
ولا يُعثر فيها بعد وفاته على ما يجيب على كثير من الأسئلة..
فتضيع بذلك حقوق، وتختفي مطالب، وتغيب معلومات مهمة..
ولهذا السبب كثيراً ما تدب الخلافات بين أقرب الناس من الورثة وذوي الصلة القريبة بمن فارق الحياة.
***
ما عنيته في إشارتي لهذا الموضوع، وفي إشاراتي إلى بعض ما يسود المجتمعات حول هذا الشأن..
أن كتم الأسرار ليس كله شراً، مثلما أنه ليس كله خيراً..
لهذا لابد من المواءمة، وتدبر الأمر، وأخذ النصيحة، والبحث عن المشورة المفيدة، وهذه لا تتحقق إلا بأن يفتح المرء في حياته صندوق أسراره أمام من يثق بسداد رأيه، وأمام من تتوافر فيه الأمانة والصدق والإخلاص.
***
صحيح أنه ليس كل ما لدى المرء يمكن أن يقال، وأنه ليس من المناسب أن يمكّن الغير من أن يتعرف دائماً عليه..
وصحيح أن أموراً تتطلب المصلحة الشخصية للإنسان عدم اطلاع غير صاحبها عليها، أو الإفصاح عنها في غير توقيتها المناسب..
لكن هناك أشياء ربما كان من المفيد إشراك الغير بالحديث عنها، والبوح ببعض التفاصيل عن أمور منها..
وهنا يمكن القول بأنه لابد أن يتدبر المرء شؤونه، ويفكر بما ينبغي أن يقوله لمن هو لصيق به ممن هو موضع ثقته وقناعته بسداد رأيه.
***
إن إبقاء المرء على أسراره محتفظاً بها في ذاكرته، بما في ذلك أسراره الثقافية والتاريخية، إنما يبقي بذلك على مشاكل وتساؤلات كثيرة تورث عنه لغيره لو أنه مات قبل أن يتحدث بها لمن يعنيه أمرها أو يهمه موضوعها..
ولهذا كان على الإنسان أن يوثق ما يراه ضرورياً قبل أن يداهمه الموت على حين غرة، إذ إن الموت يزورنا دون استئذان أو أخذ موافقة من أي منا..
والظاهرة التي أتحدث عنها لها استثناءات ولا شك، ومن يستثنون ممن لا يصنفون ضمن هؤلاء المفرطين في توثيق ما لديهم هم أولئك الذين يبوحون بأسرارهم لفئة من الناس، أو يوثقونها كتابة ويودعونها خزائنهم ليجدها من يعنيه أمرها بعد وفاة صاحبها واضحة ومفصلة وتجيب عن أي سؤال. وليت كل منا يتصرف كما تصرف مثل هؤلاء.
عندما تقود المرأة السفينة بمفردها
تهتز القوامة لدى الرجل.. وتتخلخل أركان الأسرة
*إعداد : وفاء الناصر
الحياة الزوجية شراكة مقدسة يتعاون فيها الزوجان لتسيير دفة سفينة الأسرة وتجنيبها الأنواء والأهوال والوصول بأفرادها إلى شواطئ الاسترشاد.. غير أن وسائل الحياة العصرية جعلت تنصل كلا الطرفين أو أحدهما في كثير من المواقف عن مسؤولياتها امراً واقعاً، مع توفر الحياة المادية الميسرة، ووجود خدم المنازل ووسائل الترفيه ورغد العيش، والسمة الغالبة في مثل هذه الحالات أن يتخلى رب الأسرة عن جل مسؤولياته وواجباته الأسرية وايلاء الأمر إلى الزوجة. فهي التي تقوم بالأعباء المنزلية - بمعاونة الخادمة طبعاً - خارج وداخل البيت والرعاية بأمور الأطفال والعناية بهم والذهاب إلى المستشفى والسوق ومتابعة مستواهم الدراسي وغير ذلك من الأمور التي هي من صميم مسؤوليات رب الأسرة.
المسؤوليات الأخرى، من عمل وتجارة وسفر، شغلت بعض الآباء وسحبت القوامة من تحت أقدامهم، وجعلت الانطباع السائد لدى الزوجة وابنائها، أن الأب يهرب من الأعباء تحت مبررات واهية للبقاء خارج المنزل، لدرجة أن بعض الآباء لا يعرفون في أي صف أو مدرسة يدرس أبناؤهم وبناتهم ناهيك من ان يعرفوا من هم اصدقاؤهم، وما هي سلوكياتهم، وماذا يأكلون، ومتى ينامون، وكيف يقضون يومهم، وأصبحت الأم هي القائمة على شؤون المنزل راضية أو كارهة.
هذه الأشياء تترك أثراً نفسياً عميقاً لدى الأبناء على المدى الطويل، وتفقدهم جانباً وجدانياً مهماً، لأن حنان الأب وعطفه ومساندته في الوقوف مع أبنائه لا يمكن الاستغناء عنه بحنان الأم وحدها.
***
خلخلة الأسرة
لا يمكن حصر دور الأب فقط في توفير المال، والسكن والتكفل بتسديد الفواتير ثم القاء الحبل على الغارب، وجعل الزوجة هي التي تجري وتركض للقيام ببقية الأعباء، صحيح أن بعض الآباء وليس غالبيتهم منشغلون في التجارة والرحلات والسفر وقضاء الكثير من أوقاتهم في المجالس هروبا من مسؤوليات البيت، بعضهم لأن الزوجة ارتضت الوضع واعتادت أن تقوم بذلك نيابة عن زوجها إما خوفاً منه أو تقديراً له أو كليهما معاً أو هكذا يكون فهمها للحياة، وأحياناً يكون الأمر مرتبطاً بالزوج ووضعه داخل المنزل حيث لا يجد الراحة والهدوء والاستقرار وربما يجد النفور وعدم الاعتناء به من قبل الزوجة، وغير ذلك من الأسباب التي جعلت هذا السلوك يسود.
لكن الأمر الذي لا شك فيه هو أن فقدان المشاعر الأبوية داخل الأسرة، وغياب الأنسجام والتآلف بين أفراد الأسرة بقيادة الأب يؤدي بالأسرة إلى حالة من الجمود العاطفي، وقد يرسخ هذا الأمر مفهوماً خاطئا عن الزواج لدى الأبناء ويرسم أمامهم صورة قاتمة عن هذا الرباط المقدس.
كما أن غياب دور الأب يفقد الأسرة أجواء الحوار والمصارحة وتبادل الآراء والخبرات، ومن شأن هذا السلوك أن يؤدي إلى انقسام الأبناء بين متحيز إلى الأم أو ضدها نكاية بها، وهذا يخلخل الأسرة، ويجعلها عرضة لمزيد من الكوارث والتفكك نتيجة الدور السلبي لربان سفينتها.
كما يعلم الجميع فدور الأب لا ينحصر في توفير المال والسعي لكسب المزيد منه، وليست هذه هي الطريقة الوحيدة لاقامة أسرة مترابطة تربى أبناءها على قيم الخير، وتسهر بشكل ايجابي في تكوين المجتمع الصالح، بل دور الأب داخل الأسرة يتعدى ذلك، ويتضمن توفير جو الأمان ومشاركة الأم في رعاية الأبناء، والاضطلاع بمسؤوليته كقائد وقدوة لأسرته وأبنائه، وإبداء الرحمة، وبث قيم الخير والفضائل في ابنائه وبناته والتأثير عليهم من خلال السلوكيات والتصرفات وليس بالعنف والضرب والإهانة.
ولا يعتبر انشغال الأب بأي عمل أو مسؤوليات أخرى مبرراً للتنازل عن قوامته للأسرة، أو التنصل عن واجبه أو الهروب من تحمل اعبائه، وأحيانأً تقبل الزوجة بتحمل تلك الأعباء وتتغاضى عن غياب دور الأب بدافع الحرص على انقاذ الأسرة والمحافظة عليها من الانهيار، لأن الأم لو فعلت مثلما فعل الزوج لغرق المركب في لجج المشاكل العصرية ولتهاوى المنزل من أركانه، وهروب الزوج من مسؤولياته، يلقي بها على عاتق الأم، لكنه يعتبر خطأ جسيما، يجر وراءه أخطاراً عظيمة، لكن الكثيرين لا يتنبهون إلى ذلك، لأنهم فرحون ومسرورون بالابتعاد عن مشاكل الأسرة، ولكن بعد أن يقع الفأس على الرأس لا ينفع الندم، ولا يجدي التحسر.
***
دوافع الظاهرة
انتشار هذا السلوك في الزمن الراهن، وخصوصاً في البيوت الخليجية - حيث تكثر الأعمال التجارية والسفر ووجود الخادمات - جعله يصبح ظاهرة بكل المقاييس، بل يصير مشكلة دائمة لدى الكثير من الأسر، حيث أصبح غياب الأب عن المنزل أمراً معتاداً وانحصر دوره في الانفاق على الأسرة وتوفير اللبس ومستلزمات الحياة، أما الأعباء الأسرية من رعاية واهتمام وتربية ومتابعة فصارت عند من يعانون هذه المشكلة من مسؤوليات الزوجة وهناك الكثير من الأسباب التي ساعدت على تفشي هذه الظاهرة وجعلتها تطفو على سطح مشكلات المجتمعات العربية، والمجتمع الخليجي على وجه الخصوص منها على سبيل المثال وليس الحصر:
1- البعض تأخذه العزة بالإثم، ويعتقد أن مساعدة المرأة في أي شأن من شؤون المنزل فيه انقاص من قدره واقلال من رجولته ومكانته بين أقرانه، بل البعض يتباهون بذلك، والبعض الآخر يشمتون بمن يتعارض مع زوجته ويكون صريحاً معها لأبعد الحدود ويساعدها في مهام المنزل ويعتبرونه محكوماً من قبل الزوجة، وهذا اعتقاد خاطئ ينافي الدين والأخلاق ويخالف سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يغسل الأواني ويطبخ مع زوجاته، ويقول - صلى الله عليه وسلم -:( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).
2- قد يكون الزوج تربى ونشأ في جو عائلي تكثر فيه المشاكل والمشاحنات الأسرية فيفضل النأي بنفسه عن هذه الأجواء واختيار البعد عن المنزل لتأثير ذلك على نفسه.
2- اعتقاد كثير من الناس أن الأمور التربوية هي من صميم مسؤولية الزوجة، ولذلك يسلكون هذا الأمر إليها بصورة تلقائية ولا يحسب أنه ألقى بعبء ثقيل عليها بل يعتبر نفسه منصفاً في ذلك ظناً منه أن دوره يقتصر على ما هو خارج عتبة المنزل.
وهناك أسباب اقتصادية تتعلق بعمل الزوج على فترتين حسب ما تقتضيه ظروف كسب العيش، أي قد يكون الرجل مغلوباً على أمره في بعض الأحيان، ولكن يستطيع رغم تلك الظروف أن يجد فرصة للمشاركة في شؤون التربية، ومن العوامل الاجتماعية أيضاً عدم قدرة بعض النساء على محاورة الأزواج واقناعهم بأهمية دورهم التربوي والمعنوي وضرورة وجودهم بشكل أكبر لأن الغياب شبه الدائم يتسبب في أحداث هوة بينه وبين الأبناء، هذا فضلاً عن أهميته في اسداء النصح والارشاد والتوجيه بحنان وعطف وتفاهم.
هذه الفجوة التي يحدثها غياب الأب لفترات طويلة عن المنزل وغياب دوره الأسري تبرز غياب دور المراكز الاجتماعية المتخصصة في الشؤون الأسرية والتربوية، والتي يفترض أن تقدم برامج توعية تتناول هذه الجوانب وتزيل وتحارب هذه الظواهر السلبية، ومن الدوافع ايضاً غياب الضمير الذي يجعل صاحبه يقف وقفة صادقة مع النفس ويحس بمسؤوليته، ويعرف التزاماته تجاه أبنائه.. ويستحضر أهمية الحب غير النفعي الذي لا يعرف الحساب، بل يدفعه الحنان الغريزي، واحساس الأبوة الصادقة.
عندما يستشعر الآباء هذه المعاني، ويتأملون النتائج المحتملة لغيابهم، والأعباء التي تحملها المرأة إلى جانب أعبائها الطبيعية، سيعمل الكثيرون منهم على القيام بمسؤولياتهم الأسرية بالشكل الذي يحفظ التوازن النفسي والوجداني والتربوي والمعنوي، ويجنب الأسرة الخلخلة والاهتزاز.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
أنت وطفلك
الملف السياسي
استراحة
حياتنا الفطرية
منتدى الهاتف
متابعة
مجتمعات
روابط اجتماعية
آفاق
شاشات عالمية
تميز بلا حدود
سوق الانترنت
الحديقة الخلفية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved