الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السياراتالرياضيةكتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 15th April,2003 العدد : 30

الثلاثاء 13 ,صفر 1424

وماذا بعد..؟!
انتهى نظام صدام حسين..
فلم يحزننا ذلك..
ولم نشعر أن رحيله يعد خسارة قد لحقت بالعراق الشقيق..
أو أن هزيمته وغياب حكمه قد يلقي بظلال من الضرر على أشقائنا في العراق..
ذلك لأن نظام حكمه تميز بالفساد..
وبتعذيب الشعب..
وأكل ثرواته..
وحرمانه من حقوقه..
وجرِّه إلى أتون المعارك الدموية المتواصلة..
دون هدف أو غرض أو مصلحة لعراقنا الشقيق..
مذكياً بذلك نار الفتنة مع الأشقاء..
ومؤججاً بتصرفاته هذه الخلافات مع جيرانه والأبعدين..
***
ومع ذلك فقد أحزننا غزو العراق..
وساءنا أن يكون تغيير النظام من خلال قوى أجنبية..
وأن يتعرض الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن إلى ما تعرضوا إليه من قتل وتدمير..
وأن تكون صورة نهاية الحرب على نحو ما شاهدناه من دمار وتخريب وسرقة لكل ما وقعت عليه يد اللصوص..
مثلما ساءنا هذا العبث المجنون الذي لم يوفِّر أدوية المستشفيات وأسرَّتها ومتاحف المدن والأملاك الخاصة والعامة من النشل والتخريب..
ودون أن تضبط القوى الغازية الأمن وتحمي تاريخ العراق ووثائقه من الضياع..
***
لم نكن مع نظام صدام..
لكننا كنا بالتأكيد ضد الغزو الأجنبي للعراق..
ضد أي غزو أجنبي لأي دولة عربية..
ضد تغيير أي نظام إلا من صاحب الحق في ذلك وهو المواطن..
لسنا مع حروب لا تأخذ شرعيتها من خلال مجلس الأمن..
حتى لا يكون أمن واستقرار الدول الصغرى عرضة للهيمنة من الدول الكبرى..
دون أن يقال لها لا..
من غير أن يُعترض لها سبيل..
أو يُرد لها طلب..
أو يُحال دون تحقيق مطامعها ..
***
إن ما حدث في العراق درس وأي درس..
لعالمنا العربي الكبير..
للدول المصنفة بأنها إرهابية..
وللدول المعتبرة أنها خارج بيت طاعة الدول الكبرى..
وإسرائيل في كل هذا هي المستفيد الأول والسعيد بما حدث..
والمتضرر الأكبر بكل تأكيد هو العراق ودول المنطقة..
فهل من متعظ..؟


خالد المالك

الفتاوى
يجيب عنها الشيخ سلمان ابن فهد العودة
* إعداد: ناصر الفهيد
عقوبة مرتكب فاحشة قوم لوط
* السؤال: هل قتل من فعل فاحشة قوم لوط متفق عليه بين جميع العلماء؟ أفيدونا نفع الله بكم.
*، وذلك على شركهم بالله، وتكذيبهم الأنبياء، وارتكابهم هذه الفاحشة الشنيعة وإصرارهم عليها، وعدم التوبة منها، وقرى قوم لوط كانت بالشام، قريبا من الأردن، وأشهرها سدوم، ولا تزال جبالها تعرف بذلك إلى اليوم، وهي قريبة من البحر الميت.
وقد ذكر الله خبرهم في مواضع من كتابه، كما في سورة الأعراف، وهود، والشعراء، وغيرها، وفي ذلك عبرة لمن اعتبر، إن فساد الأخلاق، والاندفاع وراء الشهوات المردية، والنوازع الشاذة مؤذن بخراب القرى وانهيارها، ومن سنة الله أن أصحاب الشذوذ هؤلاء تنتكس فطرهم، وتمسخ شخصياتهم، ويفقدون الكرامة والرجولة، وينحازون إلى الشر والخبث حتى يتمحضوا له إذا لم يستدركوا عاجلا ويتوبوا، وإن من أعظم الآثار السلبية القتالة التي أحرزتها ثورة الاتصالات نقل هذه الأنماط الشاذة عبر القنوات الفضائية، أو (الإنترنت)، أو وسائل الاتصال الأخرى إلى أنحاء العالم من مواطنها وبيئاتها الوبيئة، وتسويقها واعتبار صاحبها على أحسن الأحوال، ضحية مشكلة في جيناته ومورثاته لا دخل له بها.
فما قوم لوط عنهم ببعيد على مورد من جهلهم وصديد ألم يتقدم ربكم بوعيد صراطا لنا في الفسق غير حميد فأوردنا في الحتف شر وروديتابعكم في ذاك غير رشيد بما قد لقيناه بصدق وعيد نذوق عذاب الهون غير بعيد ويجعلنا في النار غير بعيد فإن لم يكونوا قوم لوط حقيقة وإنهم في الخسف ينتظرونهم يقولون لا أهلا ولا مرحبا بكم فقالوا: بلى، لكنكم قد سننتم أتينا به الذكران من عشقنا بهم فأنتم بتضعيف العذاب أحق من فقالوا : وأنتم رسلكم أنذرتكم فما لكم فضل علينا فكلنا كما كلنا قدذاق لذة وصلهم: أسأل الله بمنه وكرمه أن يجنب شباب المسلمين كافة هذه الأدواء الوبيلة، ويحفظ لهم رجولتهم وعفتهم وكرامتهم التي بها يدافعون عن أديانهم وأوطانهم، وبها يحصلون على العلم النافع في الدنيا والآخرة، وبها يبنون البيوت السعيدة التي ترفرف عليها راية الوفاء والإخلاص.
أما عن مسألة العقوبة المقررة شرعا لفاعل هذه الفاحشة، فالعلماء فيها على ثلاثة أقوال :( القول الأول ) انه يقتل بكل حال، محصنا كان أو غير محصن، وإن اختلفوا في صفة قتله، هل يقتل بالسيف؟ أم يحرق ؟ أم يرمى من شاهق؟وهذا مروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم: أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس وهو في (المصنف)أيضا ( 6/ 494) عن مجاهد، وسعيد بن جبير، وجابر بن عامر، وجابر بن يزيد، وعثمان بن عفان، وغيرهم، وهذا مذهب مالك رحمه الله ، وهو رواية في مذهب الحنابلة، اختارها الشريف أبو جعفر، وابن القيم في (الداء والدواء)، وربما ابن تيمية كما في (الفروع) لابن مفلح ( 6/ 70 )، وقدمها الخرقي ، وقال ابن رجب: «الصحيح قتل اللوطي، سواء كان محصنا أم لا»، وانظر ( الإنصاف 10/176)، (القول الثاني ) أنه لا يرجم إلا أن يكون قد أحصن، وهو مذهب الشافعي الذي رجع إليه كما في (الأم 7/ 193)، قال الشافعي :«وعكرمة يرويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا..وهو في مصنف ابن أبي شيبة ( 6/ 495 ) عن حماد بن إبراهيم، قال :« حد اللوطي حد الزاني، إن كان محصنا فالرجم، وإن كان بكرا فالجلد «،وعن الحسن:» «اللوطي بمنزلة الزاني»، وعن إبراهيم النخعي:مثله، وعن الزهري : يرجم إن كان محصنا، ويجلد مائة إن كان غير محصن، وهذا مذهب عثمان البتي، والحسن، وعطاء، وغيرهم، وهذه رواية أخرى في مذهب الحنابلة، ذكرها ابن قدامة في (المغني 12/349)، حيث قال :والرواية الثانية: أن حده حد الزاني، وبه قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والحسن، والنخعي، وقتادة، والأوزاعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبو ثور، وهو المشهور من قولي الشافعي، وذكرها ابن مفلح في (الفروع)، وقال:«وهو الصحيح من المذهب»، وذكرها في (الإنصاف)، وقال:«هذا المذهب»، ( القول الثالث ) أنه يعزر بما دون الحد، مذهب أبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، وذهب إليه ابن حزم، قال الجصاص في (أحكام القرآن3 / 262 ).
وعن سفيان عن الشيباني، قال :«يضرب دون الحد»، ثم ذكر أدلتهم وناقشها: ثم قال: حرم رسول الله دم المسلمين إلا ما أباحه به، وليس فاعل فعل قوم لوط واحدا من هؤلاء، فدمه حرام إلا بنص أو إجماع، وقد قلنا: إنه لايصح أثر في قتله، وذكر الأقوال الثلاثة في (أحكام القرآن) لابن العربي (2/316)، وغيره، والأظهر والله أعلم أن الاختيار في ذلك موكول إلى الحاكم أوالقاضي، بحسب ما يراه من قتل، أو جلد، أو سجن، أونفي، أو غير ذلك مما يحفظ المجتمع من معرة هؤلاء، ويردعهم عن التمادي، وهذا قد يختلف من حال إلى أخرى، ومن قضية إلى أخرى، فإن من تمرد على ذلك، واستمر، وصار ديدنا له لا ينفك عنه بحال، ليس كمن جرت منه هفوة غير مسبوقة ولا ملحوقة، وجرى معها الندم، والحزن، والاستدراك حمى الله شباب المسلمين من المراتع الوبيئة بمنه وكرمه والحمد لله رب العالمين.
***
لفظة: (لا يسترقون)
* السؤال أنا أخت أمريكية أعيش حاليا في بريدة بالسعودية، ولدي بعض الأسئلة، جزاك الله خيرا ومن يساعدونك.
1) أخت لنا في أمريكا لديها ابن صغير، وعنده مشكلة في العينين، وهو حاليا يستخدم نظارات خاصة لتساعد في علاج المشكلة، ولكنه لم يستفد، فإن الأطباء سيقومون بإجراء عملية جراحية للطفل، وعمره سنة واحدة فقط، والأخت تحاول أن تتجنب العملية إن أمكن ، وأتساءل إن كان هناك آية رقية تستطيع أن تستخدمها تساعد في حل مشكلة ابنها في العينين، آمل إن كان هناك دعاء خاص يمكن أن يساعدها، هل من الأفضل تجنب استخدام الرقية؟ في الحديث ذكر أن الله سيدخل إناسا الجنة بالإحسان، وأحد صفاتهم بأنهم لا يرقون، فلا أفهم لماذا الأفضل عدم استخدام الرقية؟ وبدلا منها الذهاب للطبيب والذي ربما لا يكون مسلما، الله هو الشافي، أليس من الأفضل لنا أن نستخدم كلماته (القرآن) بدل استخدام الأدوية التي يقدمها البشر؟
الجواب : الرقية، بالنسبة لابن الأخت فيحسن رقيته بما ورد، كسورة الفاتحة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين، ومن الأدعية النبوية: «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم» رواه الترمذي (3388)، وابن ماجة (3869) من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه ومنها: «أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق» رواه مسلم (2709) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ومنها: «أعيذك بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة» انظر ما رواه البخاري (3371) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، ومنها:«رب الناس أذهب الباس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما» انظر ما رواه البخاري (5675)، ومسلم (2191) من حديث عائشة رضي الله عنهما، وهذا حسن ومشروع، وأما الحديث ففيه «لا يسترقون» رواه البخاري (5705)، ومسلم (220) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أي: لا يطلبون الرقية من الآخرين، لأن الطلب من غير الله لا يخلو من ذل، أما أن تقوم بالرقية من غير طلب المريض فهذا مشروع ومستحب، والرقية سبب شرعي وهي لا تعارض فعل السبب الطبيعي مع العرض على الأطباء والأخذ بنصيحتهم ولو كانوا كفارا إذا ما كانوا موثوقين.
***
حكم تناول العقاقير الجنسية
* السؤال : ما حكم أخذ الرجل للأدوية التي تقويه جنسيا، ونيته إعفاف امرأته عن الحرام، والاستمتاع بالزوجة، مع خوفه من ضرره على بدنه ؟
الجواب يجوز للرجل تناول العقاقير والأدوية التي تقويه جنسيا، إذا كان يعاني من ضعف، أما لمجرد زيادة المتعة وتكرار المعاشرة، فإنه يخشى أن يكون ذلك سبباً في إضرار المرء ببدنه، واضطراب العلاقة بين الزوجين مع الزمن، وسرعة تهالك الجسم، وما كان بهذه المثابة فحقه أن يمنع، والله أعلم.
***
القسم للحصول على الجنسية
* السؤال: حياك الله يا شيخ سلمان، وبارك الله في شغلك الدؤوب.
سؤالي إليك يا شيخ: هو أننا في بريطانيا مجموعة من الإخوة المهاجرين جئنا إلى هذه البلاد بدافع الهروب من أوطاننا الأصلية بعد أن فتنا في ديننا، والله يعلم هذا... لكننا لا نرغب أن نبقى في بلاد الكفر إذا وفقنا الله وخرجنا منها بحثا عن موطن أفضل منها إن شاء الله ، الحكومة البريطانية أصدرت قرارا بشأن الحصول على الجنسية البريطانية، يلزم المتقدم للحصول عليها أن يقسم قسما دستوريا أو قانونيا يلتزم فيه بالحفاظ على أمن المملكة المتحدة وقوانينها وطاعة الدستور والقانون البريطاني في كل نواحي الحياة، المشكلة الكبرى، هي: أن القسم يجب أن يتم في مراسيم رسمية كتلك التي تتم في عقود الزواج وغيرها... أمام الكاتب أو القاضي، ويلزم أن يحضر اثنان من الشهود يشهدون هذا الاحتفال، كما يزعمون والله المستعان فما قولكم في هذا ياشيخنا، أفيدونا مأجورين، خاصة وأن خروجنا من هذه البلاد سيكون متعسرا بدون الحصول على جنسية هذه البلاد، وجزاكم الله خيراً.
الجواب : إذا كان الإنسان مضطرا للحصول على الجنسية، لأنه مضطهد في دينه في بلده، ويحتاج إلى الجنسية للتنقل وغيره فلا حرج عليه إن شاء الله في السعي لذلك، وما يترتب على هذا من إجراءات فهي تابعة للأصل، وينوي بقسمه ما لايخالف الشريعة.
***
هل أزور عمي؟
* السؤال: عمي يعمل في أحد البنوك الربوية، وليس له مصدر دخل إلا من العمل في هذا البنك، وأجد في نفسي حرجا شديدا عند مودته وزيارته والأكل عنده، وكثيرا ما يطلب مني زيارته ومودته، وتعظم المصيبة، لأن هناك من يفتون الناس بحل العمل في مثل هذه البنوك، وأن الربا وهو ما يسمونه بالفوائد حلال، فما موقفي من عمي؟ وكيف التعامل معه؟ وهل أزوره أم لا؟ وكثير من الناس يحتجون بآراء هؤلاء الذين يفتونهم بحل العمل في هذه الأماكن والتعامل معها، وجزاكم الله خيرا.
الجواب: أرى أنه لا بأس أن تأكل من ضيافة عمك، لأسباب:
1 أهمها أنه لا يخلو ماله أن يكون فيه شيء من الحلال، فمن المستبعد أن يكون المال حراما 100%، حتى الذي يعمل في البنك، قد يكون في عمله الحلال والحرام، والطيب والخبيث، والصواب والخطأ، وربما كان ورث بعض المال من أبيه، أو اشتغل بتجارة مباحة، أو ما شابه ذلك.
2 لأنه في مثل بلدكم وحالكم مع غلبة الجهل على الناس، ووجود المفتين بمثل ما ذكرت من الفتاوى هداهم الله إلى الصواب ، يكون كثير من الناس متأولين فيما يفعلون، وهذا التوجه يحقق صلة الرحم والقربى والتواصل، ويفسح المجال للزيارة والمؤاكلة، ومن ثم الحديث والنصيحة والتوجيه.
***
التبرع بالأعضاء بعد الموت
* السؤال: هل يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت وقد تذهب للكفار؟
الجواب: بالنسبة للتبرع بعد الموت بالأعضاء فهي من المسائل الحادثة، وقد تكلم فيه العلماء واختلف رأيهم حولها، وأعني حول أصل المسألة الذي هو حكم نقل الأعضاء من شخص إلى آخر، فذهب أكثر العلماء إلى جوازه، منهم الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله وصدرت فيه فتاوى من عدد من الجهات العلمية في العالم الإسلامي منها: المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد في ماليزيا، ومجمع الفقه الإسلامي، وهيئة كبار العلماء بالسعودية، ولجنة الإفتاء بالأردن والكويت ومصر والجزائر، أجاز هؤلاء بشروط معتبرة مراعاة للضرورات والمصالح التي منها حفظ حياة الناس وصحتهم، وخالفهم آخرون فمنعوا نقل الأعضاء ومنهم الشيخ محمد العثيمين، والشيخ الشعراوي، والشيخ الغماري عبد الله الصديق، والرأي الأول هو المختار لمسيس الحاجة إليه، وحرص الشرع على حفظ حياة الإنسان، وزوال ما يؤدي إلى الموت أو المعاناة والمرض، وعدم وجود دليل صحيح على منع نقل الأعضاء، لكن يراعى في ذلك الشروط المعتبرة، مثل: ألا يكون في ذلك ضرر بين على من أخذ العضو منه، وأن يكون بموافقته ونحو ذلك.
***
التخاطر وانتقال المشاعر
* السؤال: فضيلة الشيخ: أرجو التكرم بالرد على استفساري: التخاطر ونقل الأفكار عبر الأميال، هل يوافق الشرع؟ وهل صحيح أن المشاعر تنتقل من شخص إلى آخر، بحيث يؤثر على الشخص بمشاعره؟ جزاكم الله خير الجزاء.
الجواب: يذكر بعض العلماء ما يسمى بالتخاطر عن بعد، أو (التلباثي)، ويستشهدون بقصة عمر رضي الله عنه (يا سارية الجبل) انظر الإصابة (5/3)، وقد يحدث مثل هذا لأفراد بأعيانهم في ظروف خاصة، والله أعلم، ولا يستغرب انتقال المشاعرمن شخص إلى آخر لشدة التلاحم بينهما، وقد ذكر ابن تيمية هذا المعنى، وقول بعضهم: «غبت بك عني فظننت أنك أني...».
***
حكم الإجهاض
* السؤال: ما الحكم الشرعي لإجهاض الجنين قبل أربعة أشهر؟ وإذا خافت المرأة على نفسها من الموت فهل لها أن تجهض الحمل ؟
الجواب : يمر الجنين في بطن أمه بأربعة أطوار: 1 النطفة 2العلقة 3 المضغة 4 نفخ الروح. وقد اتفق العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح إذا لم يكن هناك ضرورة لإسقاطه، لأن إسقاطه من غير ضرورة قتل للنفس المحترمة، ونفخ الروح بعد مائة وعشرين يوما، وأما قبل نفخ الروح فقد اختلف في حكم الإسقاط من غير ضرورة على الأقوال الآتية :القول الأول : تحريم الإسقاط في جميع الأطوار، وهو قول أكثر المالكية، وبعض الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وقول الظاهرية.
القول الثاني: جواز الإسقاط في النطفة والتحريم في بقية الأطوار، وهذا قول بعض المالكية والمذهب عند الحنابلة.
القول الثالث: جواز الإسقاط قبل نفخ الروح، وهو قول الحنفية، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة.
أدلة هذه الأقول: استدل أصحاب القول الأول بحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في جنين امرأة من بني لحيان بغرة عبد أو أمة، رواه البخاري (6909)، ومسلم(1681)، والجنين اسم لما في البطن، وإيجاب الغرة فيه دليل على أنه محترم يأثم المتعدي عليه، وإذا كان يأثم بالتعدي عليه فإنه لا يجوز إسقاطه، وبأن هذه النطفة مبدأ الحياة.
وإذا كان لا يجوز إتلاف الحي فكذلك السقط الذي هو مبدأ الحياة، وبأن الإسقاط يشبه الوأد لاشتراكهما في القتل، إذ الإسقاط قتل ما تهيأ ليكون إنسانا، والوأد محرم بالإجماع فكذلك الإسقاط.
ويشكل على الحديث أنه واقعة عين محتملة.
واستدل أصحاب القول الثاني بحديث ابن مسعود «إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير، فإذا مضت الأربعون صارت علقة، ثم مضغة كذلك.. «الحديث رواه أحمد (3553).
ووجه الاستدلال بالحديث: أن فيه إشارة إلى أن النطفة تبقى على حالها ولاتنعقد، وما لا ينعقد فيجوز إسقاطه. ويرد عليه من وجهين :
1 أن الحديث بهذا اللفظ ضعيف.
2 لو ثبت فلا دليل على التفريق بين ما انعقد وما لم ينعقد، واستدلوا بأن النطفة لم تنعقد بعد وقد لا تنعقد، ولذا فإنها ليست بشيء ولايتعلق بها حكم طالما أنها لم تجتمع في الرحم، وكما أن له العزل ابتداء فله الإسقاط كذلك.
ويرد عليه بأنه لا دلالة على عدم الانعقاد حتى يجعل مناطا للتفريق، بل يرده حديث ابن مسعود الصحيح« إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما» رواه البخاري (3208)، ومسلم (2643)، فإن هذا يقتضي أن الله قد جمع فيها خلقه جمعاً خفيا، وهذا التخليق يتزايد شيئا فشيئا إلى أن يظهر للحس ظهورا لا خفاء به كله. واستدل أصحاب القول الثالث القائل بالجواز قبل نفخ الروح بالآتي :
1 أن كل ما لم تحله الروح لا يبعث يوم القيامة، ومن لا يبعث فلا اعتبار لوجوده، ومن هو كذلك فلا حرمة في إسقاطه.
2 أن الجنين ما لم يتخلق فإنه ليس بآدمي، وإذا لم يكن كذلك فلا حرمة لهو من ثم فيجوز إسقاطه.
ويرد عليه : بأن هذا اعتداء على ما مصيره اكتمال الآدمية وحلول الروح فيه، وهذا الاعتداء بغير حق إيقاف له، والاعتداء بغير حق محرم، ثم إنه لا دليل على عدم التخليق.
وقد مال بعض الفقهاء الأطباء المعاصرين إلى القول الأول القائل بالتحريم لوجاهة أدلته وقوتها، يقول الدكتور حسان حتحوت: «وكما استنبط السابقون أحكامهم مما بين أيديهم من معلومات طبية، فليس لنا أن نكتفي بالنقل عنهم، وبين أيدينا دقائق وتفصيلات علمية جديدة لم تكن في زمانهم، ولما كنت من أهل الاختصاص الطبي الدقيق في هذا الموضوع، فقد وجدت من الأمانة أن أضع أمام أشياخنا وفقهائنا حقيقة أن الجنين حي من بدء حمله، وأنه ينساب ناميا في تناغم واتصال، وأن قلبه ينبض في شرايينه منذ أسبوعه الخامس، وأن جنين الأشهر الثلاثة تام الخلقة وإن كان صغير الحجم، وأنه تكون وإنما يكبر وينضج بعد ذلك، وأن الجنين يتحرك ونرصد بأجهزتنا حركته ونسمع دقات قلبه قبل أن تحس أمه بحركاته بزمان طويل، وأعلم من الناحية الطبية أن قتل الجنين قتل نفس، وأصونه وأحافظ عليه إلا ان كان في استمرار الحمل تهديد لحياة أمه، وآنذاك فقط أهدر حياة لأنقذ حياة، ولكن ليس لما دون ذلك من أسباب».
وانظر في ذلك (الإسلام وتنظيم الأسرة)، و(تنظيم النسل وموقف الشريعة منه)، وهذا الذي ذكره الدكتور حسان حتحوت سألت عنه جماعة من الأطباء المختصين فوجدته كذلك، وللقول الثالث عندي وجاهة ظاهرة، لأن الحياة التي في أول الحمل إنما هي امتداد للحياة التي في الحيوان المنوي، بخلاف الحياة الحادثة من نفخ الروح بعد مائة وعشرين يوما، فهي حياة إنسانية ذات احترام خاص، ولهذا قال تعالى :{ )وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) ثٍمَّ )ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ) )ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} .
فنلاحظ في الآية الكريمة ذكر مراحل التكوين الجنيني، وفي آخر مرحلة، وهي ما بعد المضغة والعظام قال: ثم أنشأناه خلقا آخر، فتبارك الله أحسن الخالقين، وهذا مؤذن بأن الكلام لا يزال متعلقا بالتخليق في الرحم، ولذلك ذهب جمهورالمفسرين إلى هذا.
وقد قال الطبري في تفسيره (9/18) :«قال بعضهم : إنشاؤه إياه خلقا آخر :نفخه الروح فيه، فيصير حينئذ إنسانا، وكان قبل ذلك صورة.
ثم روى بإسناده عن ابن عباس من طرق عكرمة، والشعبي، ومجاهد، وأبي العالية، والضحاك، وابن زيد أن ذلك نفخ الروح فيه.
ثم ذكر قولين آخرين.
ثم قال:«وأولى الأقوال في ذلك بالصواب: قول من قال: عنى بذلك نفخ الروح فيه، وذلك أنه بنفخ الروح فيه يتحول خلقا آخر إنسانا، وكان قبل ذلك بالأحوال التي وصفه الله أنه كان فيها، من نطفة وعلقة ومضغة وعظم، وبنفخ الروح فيه يتحول عن تلك المعاني كلها إلى معنى الإنسانية، كما يحول أبوه آدم بنفخ الروح في الطين التي خلق منها إنسانا، وخلقا آخر غير الطين الذي خلق منه انتهى، ومن المعلوم أن جواز الإسقاط هنا يكون للضرورة، والحاجة والمصلحة الراجحة.

..... الرجوع .....

قضية العدد
تحت الضوء
تكنولوجيا الحرب
فن الادراة
تحت المجهر
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
رياضة عالمية
نادي العلوم
الصحة والتأمين
الملف السياسي
فضائيات
الفتاوى
السوق المفتوح
العمر الثالث
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية


ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved