الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 17th December,2002 العدد : 14

الثلاثاء 13 ,شوال 1423

الخطاب الإعلامي...!
لا تتوفر بين يدي معلومات عن حجم حقيقي بأعداد وسائل الإعلام العربية، وأزعم أن كثيرين مثلي يبحثون عن جهة توثيقية تملك مثل هذه المعلومة وقد أصيبوا بخيبة الأمل والإحباط بعد أن تأكد لهم بأنه لا وجود لها البتة..
وبقدر ما يستجد من إطلالات لصحف ومحطات تلفزة عربية جديدة، بقدر ما يعلن عن إقفال وتوقف لكثير مما كان قائماً منها، في ظاهرة تكاد تنفرد بها الدول العربية، مما يحول دون قدرة المهتمين على اصطياد المعلومة المطلوبة وعلى إجراء رصد علمي سليم لها.
***
أريد بعد هذه الاستهلالة، أن أتجاوز في حديثي لكم نقاط القوة في الإعلام العربي وهي محدودة إلى مناقشة نقطة واحدة من نقاط ضعفه وما أكثرها لإبلاغ رسالة من خلال هذه السياحة معكم لكل من وجد نفسه في هذا الجو المزاجي المتقلب بسبب ضعف الخطاب الإعلامي العربي وخلوه من قيمه النبيلة ضمن التهميش المتواصل وربما المتعمد!! لدور وسائل الاعلام في الدفاع عن قضايا الأمة ومكتسباتها وتفريغها من كل مضمون يساعدها على أداء هذا الدور الذي ينبغي أن يتنامى نحو الأفضل في ظل المستجدات والتحديات الجديدة التي نواجهها.
***
وبنظرة فاحصة نتوقف من خلالها عند مضمون الطرح الإعلامي العربي ومدى ملاءمته لواقعنا اليوم، مستذكرين هذا الكم الهائل من المحطات الفضائية والصحف والمجلات والدوريات العربية في مقابل وسائل الإعلام الأجنبية وما هي عليه الأخيرة من مستوى متميز أهّلها لكي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام ورسم السياسات لحكوماتها ضمن إستراتيجية بعيدة المدى هدفها تفكيك تماسك أمتنا واسقاط كل ما تم إنجازه عربياً وإسلامياً على مدى سنوات طويلة من عمر هذه الشعوب بأساليب وأفكار وإن بدت في ظاهرها جيدة حد الإغراء الا أن ما تخفيه غير ذلك.
***
ولا شك عندي أن الخطاب الإعلامي العربي المفرغ من كل ما يشير إلى دفاعه عن هموم الأمة، سواء قيل عن طريق القنوات الفضائية أو بيح به من خلال وسائل الإعلام الأخرى، هو خطاب لا يعول عليه ولا يعتد به ولا ينتظر منه فائدة لخلق جيل إعلامي متمرس وقادر على مواجهة العدو بذات السلاح الذي ترشنا به وسائل الإعلام الأجنبية صباح مساء..
إن على المؤسسات الإعلامية، حكومية أو أهلية، ما هو موجود منها على الأرض العربية، ومن اختارت وطناً بديلاً لبثها وطباعتها، أن توازن بين ما تؤديه من دور يشوبه الحذر والتردد في مقابل دور منهجي وفاعل وقوي ومؤثر يرسم من خلاله الإعلام الغربي خريطة العالم المستقبلية.
***
وأنا لا أزعم أن الاعلام العربي يملك كل الادوات والآليات بما في ذلك العناصر البشرية المؤهلة للقيام بمثل هذا الدور، وأعرف أن أحدا منا لا يملك كل القدرات القادرة على إيصال صوته وفكره وثقافته على النحو الذي نتمنى، غير أننا نرتكب خطأً كبيراً إذا ما استسلمنا لمثل ذلك دون محاولة منا لمواجهته بما ينبغي، لأن الشعور بالدونية بانتظار هذه الوجبات الإعلامية اليومية التي يقدمها الإعلام الأجنبي بعناية فائقة للقضاء على طموحاتنا وآمالنا في هذه الحياة، إنما يؤصل بذلك هذا التوجه الاستعماري ويجسِّد نجاحاته ضمن الحرص على حرمان الشعوب الصغيرة من حقها في حياة كريمة.
***
إذاً..
لابد من منهجية إعلامية عربية أفضل..
ومن خطاب إعلامي فاعل..
في الطريق إلى خلق موقف عربي قوي وموحد..
وهذا هو الأمل..

++
خالد المالك

++
عولمة الفقر.. تلقي بسوادها على ثلثي البشر!!

* مجلة الجزيرة خاص:
من المفارقات أن يستمر الجوع مشكلة تتعاظم آثارها وتتضخم مخاطرها رغم ازدياد نسبة الرفاه العالمي سنة بعد سنة.. لماذا يستمر الجوع في الظهور رغم كل هذا التقدم.. وما ذنب هؤلاء الأطفال وغيرهم في أن يتلقوا آثار الجوع في عالم تصرخ فيه الدول الكبرى بأنها تبحث عن المبادئ.
هناك ما يقرب من 800 مليون شخص في العالم النامي يعانون من سوء التغذية وهناك أيضاً ما لا يقل عن بليوني شخص يعانون من نقص كميات المعادن والفيتامينات. وبالرغم من ذلك، فإن العالم قد انتج كميات كافية من الغذاء تكفي لتوفير أقل من الكميات الكافية من الغذاء، وذلك في السبعينيات من القرن الماضي فما الذي يجري إذاً؟
انخفضت نسبة الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية في الفترة ما بين 1970م 1990م من 36% إلى 20% من سكان العالم. وكانت هذه النسبة متركزة بشكل أكبر في أفريقيا. وتأتي المنطقة من قارة آسيا الواقعة بالقرب من المحيط الهادئ لتضم أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية المزمنة، بالرغم من أن العدد قد انخفض من 762 مليوناً في فترة السبعينيات إلى 540 مليون في فترة 1990م وبالرغم أيضاً من أن مسألة الجوع والمجاعات تظل ملحة بشكل كبير في منطقة جنوب آسيا.
أما في المنطقة شبه الصحراوية بأفريقيا فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من المجاعات من 94 مليوناً في عام 1970م إلى 175 مليون 1990م. ويرجع السبب في ذلك إلى عدة أسباب قد أسهمت في هذا الارتفاع في الأعداد مثل ازدياد المجاعات والديون وانحدار الاقتصاد والموارد التجارية القليلة، وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك النمو السريع لعدد السكان وظروف الطقس السيئة والحروب وانهيار الحكومات، وكلها أسهمت في تكوين مشاكل الغذاء في القارة كلها.
وعلى الجهة الأخرى، نجد أن نسبة السكان الذين يواجهون المجاعات قد ارتفع من 8% عام 1985م إلى 12% عام 1990م ولكن المجاعات في مثل هذه الدول الغنية لا يمكن أن تقارن بتلك التي تحدث في الدول النامية لا من حيث الانتشار ولا من حيث حدة المعاناة.
أسباب الجوع
ويعتبر الجوع والمجاعات نتاج مجموعة معقدة التداخل من الأمراض الاجتماعية والتي ترتبط بالاقتصاد العالمي والسياسة العالمية وتكوين طبقات المجتمع وترتبط أيضاً المجاعات بطرق التنمية والاستهلاك وديناميكية الشعوب.
ويعد الفقر أحد الأسباب الرئيسية للجوع وهو الذي يعني الافتقار إلى القوة الشرائية وعدم التمكن من الحصول على مصادر متنوعة.
إن هناك حوالي 3 ،1 بليون شخص لا يزيد دخلهم اليومي عن دولار واحد على مستوى العالم، هذا بالإضافة إلى أن هناك ما يقرب من 33% من الأشخاص في الدول النامية يعتبرون من الفقراء، وتزيد هذه النسبة من 70 إلى 80% في المناطق البيئية الصحراوية بإفريقيا.
السكان، الاستهلاك والبيئة
ومن المتوقع أن يزيد تعداد السكان في العالم من 5 ،5
بلايين نسمة إلى 8 بلايين نسمة في عام 2020م وتنحصر نسبة 93% من هذه الزيادة في الدول ذات الدخل المنخفض الأمر الذي من شأنه أن يثير الشكوك حول ما إذا كانت الأرض ستتمكن من تحمل هذه الزيادة أم لا دون حدوث مشاكل بيئية حادة. ذلك أنه حتى إذا تم استقرار معدل الزيادة هذا في منتصف القرن الحادي والعشرين فإن هذا يعني أن معدل انتاج الغذاء سوف يتضاعف والرأي المتشائم يرى أن هذا المطلب سوف لن تتحمله الأرض، أما الرأي المتفائل فيتوقع استمرار الاختراعات، مثل الاكتشاف المثير والحديث حول زراعة الرز، للوفاء بهذه الاحتياجات. والمثير أن المياه النقية والأراضي والغابات والموارد السمكية تستغل على أقصى طاقاتها، بل وأكثر من طاقاتها، وفي هذا التنافس على الموارد تصبح الشعوب الفقيرة والتي تعاني من مجاعات، والتي تفتقر إلى النفوذ والقوة السياسية والاقتصادية على هامش حسابات تلك الدول المتنافسة.
وتختلف الدخول الفردية والاستهلاك بشكل كبير على مستوى العالم إذ إن حوالي 20% من سكان العالم، وأغلبهم في الدول الصناعية، يحصلون على 85% من الدخل في العالم، ويستهلكون ما مقداره 80% من الموارد، منتجين بذلك حوالي ثلثي الغازات المنبعثة من البيوت المحمية، وحوالي 90% من الأوزون، ويستهلكون أيضاً الكلور وفلورو كاربون. ومعدل الاستهلاك هذا لا يمكن أن يتحمله المعدل العالمي، ولو أن سكان العالم الحاليين يعيشون كما تعيش هذه النسبة الغنية فإن معدل استهلاك الطاقة سوف يرتفع إلى عشرة أضعاف والمعادن بمعدل 200 ضعف.
ويحتاج القائمون على وضع السياسات والخطط على مختلف الأصعدة إلى وضع سياسات وبرامج متكاملة يكون من شأنها أن تعكس العلاقة بين المستوى المعيشي الأحسن للفقراء والتقليل من نسبة النمو السكاني، بالإضافة إلى الاستهلاك الأقل للموارد غير المتجددة وحماية البيئة.
العنف والقوى العسكرية
تعد الحروب الأهلية المستمرة في مناطق متعددة مثل أفغانستان وبورما وموزمبيق ورواندا والصومال وسريلانكا والسودان وفي مناطق أخرى السبب الرئيس للكثير من المصائب الخطيرة بالنسبة للإنسانية. ومعظم ضحايا هذه الصراعات يكونون من الأبرياء الذين ليست لديهم أي أهواء سياسية.
ومن شأن الحرب أن تبطىء أو أن توقف عملية انتاج وتسويق الغذاء. إذ أصبحت الإمدادات الغذائية تستغل كأداة للحرب، حيث تعطل دورة المحاصيل وبالتالي يعاني الأطفال من أضرار نتيجة نقص الغذاء.
وحتى إن كانت الدولة لا تعاني من الحروب فإن القوة العسكرية الكبيرة واستهلاكها تدمر المصادر المنتجة للطعام وتلحق الضرر أيضاً بالتعليم والرعاية الصحية. وقد انخفضت النفقات التي تهدرها القوة العسكرية على مستوى العالم من 1 تريليون في عام 1987م إلى ما يقرب من 767 بليوناً في عام 1994م.
أما الدول النامية فتنفق حوالي 125 بليون دولار في السنة على القوى العسكرية مع العلم أن ربع هذا المبلغ يمكن أن يفي باحتياجات الرعاية الصحية الأولية لكل المواطنين، وأن يقلل من نسبة الأمية عند الكبار بمقدار النصف.
العنصرية والتعصب العرقي
إن من شأن التمييز العنصري والتنافس بين الجماعات العرقية أن يسبب الجوع وسوء التغذية والحرمان من الموارد بالنسبة لسكان القارة السوداء في جنوب أفريقيا وأمريكا والهند وأمريكا اللاتينية وفي التاميل في سريلانكا.
إن ذلك قد يسبب انغلاق الدولة على نفسها وانشغالها بالحرب الأهلية عشرات من السنين، وفي هذا الصراع يستخدم كلا الطرفين الغذاء كسلاح، مما ينتج عنه تسجيل أكبر المعدلات في سوء التغذية.
التمييز على أساس الجنس
تحتاج المرأة إلى إمدادات خاصة من الغذاء بسبب أنها تلد الأطفال وتقوم على تغذيتهم، ومع ذلك فإن النساء من كل الأعمار يسجلون أعلى المعدلات بالنسبة لسوء التغذية بالمقارنة بالرجال. وهذا بالإضافة إلى كونهم يصنفون ضمن الفقراء أكثر من الرجال وكذلك الأمر بالنسبة للتعليم، وكان من شأن سوء التغذية ضمن الأمهات أيضاً أن يؤثر سلباً على نمو الأطفال.
ولذلك فإن احتياجات المرأة وحقوقها تحتل الجزء الأكبر من جهود التنمية.
الفئات العمرية
يؤثر سوء التغذية على الأطفال طوال فترة حياتهم حتى في الأجيال القادمة ويعد سوء التغذية هو العامل الرئيس المسبب للوفاة بين ثلث أطفال العالم الذين يموتون وأعمارهم تقل عن خمس سنوات والبالغ عددهم 13 مليوناً. ويرتفع عدد الأطفال سيئي التغذية تحت سن الخامسة في الدول النامية إلى 182 مليوناً عام 1990م.
أما بالنسبة للأشخاص الأكبر سناً فهم معرضون أكثر للجوع وسوء التغذية في كل من الدول الصناعية والنامية على حد سواء. وكذلك الأشخاص كبار السن الموجودون في كل مكان، ولكن مع تغير أسلوب الحياة وتكوين العائلات يتلقى كبار السن رعاية أقل ضمن أفراد العائلة.
وجدير بالذكر أن هذا العدد المتزايد من كبار السن على مدار الخمس والعشرين سنة القادمة يحتاج لإعادة النظر فيما يتعلق برعايتهم الصحية.
اختفاء المراعي
رغم أن الإنتاج العالمي من الغذاء يكفي لإطعام جميع سكانه لكن مازالت نسبة تزايد عدد الجياع في نمو مستمر بسبب الحروب الأهلية واختفاء المراعي وتزايد سكان المدن الفقراء الذين يعيشون على منح الرعاية الاجتماعية أو الأقليات العرقية المعزولة جغرافيا.
والتغلب على مشكلة الجوع في العالم يحتاج إلى إجراءات محددة وأهداف مرسومة على المستويات المحلية والقومية والإقليمية بحيث يتسنى للأفراد متابعة الآثارالناجمة عن مشاركتهم وفي غياب أي استثمارات جديدة أو الجهود اللازمة لرسم سياسات معينة على جميع المستويات.
عواقب نقص التغذية
تدل المعلومات المتوافرة من الدول التي باشرت عمليات مسح للقياسات البشرية على أن هناك نسبة مرتفعة تبعث على الانزعاج من الأطفال في الدول النامية تعاني عواقب نقص التغذية.
وبناء على دراسات مسحية أجريت بين الأعوام 1987م و 1998م فإن اثنين من كل خمسة أطفال في الدول النامية يعانيان التقزم، وإن طفلا واحدا من كل ثلاثة يقل وزنه عن الوزن الطبيعي وواحدا من كل عشرة أطفال يعاني الهزال.
وتواجه مناطق كثيرة من العالم من انجولا إلى كوسوفا حالات طارئة معقدة تتطلب أنواعا متعددة من المساعدة الإنسانية فالصراعات الطويلة التي أخذت تتفاقم في كوسوفا في ربيع 1999م اجتذبت أقصى قدر من الانتباه الدولي والمشاركة العالمية وتسببت في إثارة قدر هائل من المعاناه البشرية لكن التدفق الكبيرمن المعونات كان كافيا لمواجهة شبح الجوع لمدة سنة على الأقل، أما الموقف في انجولا فأكثر إزعاجا حيث تسبب القتال المتجدد في نزوح مليوني شخص ومع منتصف عام 1999م كانت خدمات توزيع الأغذية لا تفي سوى بنسبة 60% من احتياجات الناس.
انعدام الأمن الغذائي المزمن
تدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات سريعة في الدول التي ينتشر فيها انعدام الأمن الغذائي المزمن أو يتزايد وهي دول شديدة الفقر ومعظم سكانها ريفيون يعتمدون إلى حد كبير على الزراعة لكسب عيشهم وهم يحتاجون إلى تجديدات اقتصادية وفنية لتحسين إنتاجيتهم الزراعية فضلا عن سياسات محددة لضمان توافر الغذاء الكافي لجميع السكان ولكن هذه التدابير وحدها لن تكفي حيث يتعين الوفاء باحتياجات إنسانية أساسية أخرى في عالم يعيش فيه 4400 مليون نسمة في الدول النامية ويحيا ثلثهم بالكاد على أقل من دولار أمريكى واحد في اليوم ويتطلب الأمر جهودا ملموسة تضمن لكل فرد الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية ومياه الشرب المأمونة والانتفاع بمرافق الصحة العامة والنظافة والسكن المناسب.
ورغبة في توجيه السياسات والموارد توجيها جيدا نحو الجياع وأكثر أفراد المجتمع تعرضا للمخاطر لابد من أن تشجع الدول والمنظمات المحلية على الاستفادة من نظم معلومات انعدام الأمن الغذائي والتعرض لنقص الأغذية ورسم الخرائط ذات الصلة من أجل النهوض بالنظم الخاصة بها لجمع المعلومات عن الأمن الغذائي وتحليلها.
ويعانى ما يقرب من 200 مليون طفل دون الخامسة من أعراض نقص الأغذية الحاد أو المزمن، ويزيد هذا الرقم في فترات النقص الموسمي في الأغذية وفي أوقات المجاعة والاضطرابات الاجتماعية.
وفاة 13 مليون طفل دون الخامسة سنوياً
وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يعتبر سوء التغذية أحد العوامل الهامة في وفاة 13 مليون طفل دون الخامسة يموتون كل عام من الأمراض وأشكال العدوى المختلفة التي يمكن تلافيها مثل الحصبة والإسهال والملاريا والالتهاب الرئوي، أو من توليفة من هذه الأمراض.
ويعتبر سوء التغذية السبب الرئيسي لانخفاض الوزن عند الميلاد وفي الأطفال حديثي الولادة وفي سوء النمو، ومن الأرجح أن الأطفال الذين ينجون من نقص الوزن عند الميلاد سيظلون يعانون من تأخر النمو والمرض طوال طفولتهم وفترتي المراهقة والبلوغ.
ومن الأرجح كذلك أن النساء اللاتي يعانين من تأخر النمو سيواصلن الحلقة المفرغة لسوء التغذية بما سيقدمنه من أطفال يعانون من نقص الوزن عند الميلاد.
وقد بدأت في الظهور الصلات بين سوء التغذية في بداية العمر، بما في ذلك فترة نمو الجنين، والإصابة، في فترة العمر التالية، بالأعراض الصحية المزمنة مثل أمراض القلب التاجية والسكري وارتفاع ضغط الدم.
ويولد في العالم النامى سنويا نحو 30 مليون طفل من حديثي الولادة بعوائق أمام النمو نتيجة لسوء التغذية في رحم الأم.
5 ،3 مليارات نسمة يعانون
من الإصابة من نقص الحديد
وسوء التغذية المتمثل في نقص الفيتامينات والمعادن الأساسية مازال يتسبب في أمراض شديدة أو الوفاة للملايين من السكان في مختلف أنحاء العالم، فأكثر من 5 ،3 مليارات نسمة يعانون من الإصابة من نقص الحديد، ويتعرض مليارا نسمة لنقص اليود و200 مليون طفل دون سن الدراسة لعدم كفاية فيتامين أ، ويمكن أن يؤدي نقص الحديد إلى تأخر النمو، وانخفاض القدرة على مقاومة الأمراض، والإعاقة الذهنية وعدم النمو الحركي في المدى البعيد، والإعاقة عن أداء الوظائف الإنجابية.
ويسهم هذا النقص في نحو 20 في المائة من الوفيات ذات الصلة بالحمل، وقد يؤدي نقص اليود إلى إحداث أضرار دائمة بالمخ، والتخلف العقلي وعدم الإنجاب وانخفاض نسبة بقاء الطفل على قيد الحياة والغدة الدرقية. ويمكن أن يؤدي نقص اليود في الأم الحامل إلى إصابة طفلها بدرجات متفاوتة من التخلف العقلي، وقد يؤدي نقص فيتامين أ إلى العمى أو الوفاة بين الأطفال، كما يسهم في خفض النمو البدني ويعوق مقاومة العدوى مع ما يترتب على ذلك من زيادة الوفيات بين الأطفال الصغار.
وحتى الأشكال المعتدلة من هذا النقص قد تحد من نمو الطفل وقدرته على الاستيعاب في مستهل حياته مما قد يؤدي إلى عجز متراكم في أدائه الدراسي، ومن ثم زيادة معدلات التسرب من المدارس وارتفاع أعباء الأمية بين سكان المستقبل.
وفي كثير من البلدان، تمثل المشكلات الصحية ذات الصلة بالإفراط في الغذاء خطرا متزايدا، فالسمنة في الطفولة وفترة المراهقة ترتبط بمشكلات صحية شتى، ويؤدى استمرارها في فترة البلوغ إلى آثار ترتبط بمشكلات صحية تتراوح بين زيادة مخاطر الموت المبكر والعديد من الظروف التي وان كانت لا تفضي إلى الموت فإنها مقعدة تؤثر في الإنتاجية.
وهذه المشكلات الناشئة لا تقتصر على سكان العالم المتقدم، فهناك العديد من البلدان النامية التي تواجه العبء المزدوج لنقص التغذية المزمن، والأمراض المزمنة ذات الصلة بالنظام الغذائي.
وعلاوة على ذلك، فإن تلوث الأغذية بالعناصر الجرثومية، والمعادن الثقيلة والمبيدات الحشرية يشكل عائقا أمام تحسين التغذية في كل بلد في العالم.
فالأمراض التي تحملها الأغذية من الأمور الشائعة في الكثير من البلدان، والأطفال هم الضحايا عادة حيث يتعرضون للإسهال الذي يؤدي إلى نقص الوزن والهزال وارتفاع معدلات الوفاة بينهم.
وخلال العقد الماضي تحقق تقدم كبير في زيادة كمية ونوعية الإمدادات الغذائية في العالم وفي تحسين حالة التغذية للسكان.
ونظرا لمواكبة الإمدادات الغذائية العالمية للزيادة في أعداد السكان، وتحسن الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، انخفضت أعداد من يعانون من الجوع وسوء التغذية انخفاضا كبيرا.
ومع ذلك، مازال الحصول على الإمدادات الكافية من مجموعة من الأغذية السليمة وذات النوعية الجيدة يشكل مشكلة خطيرة في كثير من البلدان، حتى في البلدان التي تكون فيها الإمدادات الغذائية كافية على المستوى القطري. فمازال هناك، في كل بلد، شكل أو آخر من أشكال الجوع وسوء التغذية.
ما سبق يشير بوضوح إلى أن عوامل متعددة تلعب دوراً أساسياً في استفحال مشكلة الجوع والنقص الغذائي.. غير أن أبرز المسببات في استمرار معاناة الكثيرين من المجاعات يتمثل في مشكلة الفقر سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر.
تعريف الفقر
يعتقد البعض أن مفهوم الفقر مرتبط بشكل رئيسي بحجم الدخل الاجمالي الذي يستطيع الشخص الحصول عليه سنويا والحقيقة أن المسألة ليست بهذه البساطة المطلقة، إذ ان الفقر مفهوم نسبي مرتبط بعوامل عدة منها حجم العائلة، توفر الحاجات الأساسية داخل المنزل والتي لا يستطيع الفرد الاستغناء عنها من مأكل ومشرب، وقوة الشراء وهي القوة التي تتغير بشكل دائم داخل المجتمع مع تغير مقدار الاستهلاك العام للمجتمع بشكل أوسع، وعلى هذا الأساس يمكن التعامل مع الفقر من خلال تحديد ما يُعرف بخط الفقر وهو عبارة عن تقدير حسابي لدخل الفرد أو العائلة الذي يجب توافره في مختلف الظروف لتمكين هذا الشخص أو أفراد العائلة من الحصول على مستوى دوني معين من الاستهلاك ، وللاستدلال على هذا الخط، تشير الاحصائيات إلى أن خط الفقر للشخص الواحد في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1998م بلغ 316 ،8 دولاراً فيما كان هذا الخط يبلغ بالنسبة لعائلة مكونة من أربعة أشخاص حوالي 660 ،16 دولاراً وهكذا يمكن تعريف الفقر على أنه عدم قدرة الشخص أو العائلة على الحصول على متطلباتها الأساسية الضرورية بسبب عدم توفر مصدر الدخل الذي يمكن من خلاله اقتناء هذه الحاجات أو المتطلبات.
يرى «مارك براون» مدير برنامج الأمم المتحدة للتنمية أنه يمكن وصف الفقراء بأنهم أولئك الأشخاص الذين يفتقدون لما هو ضروري وأساسي من مأكل ومشرب ومسكن وخدمات صحية عامة وهكذا فإنه من السهولة على أي شخص ملاحظة أن أعداداً كبيرة من سكان الكرة الارضية تدخل ضمن نطاق هذا التعريف المختصر، فهناك العديد ممن اتخذوا الشوارع سكناً لهم وهناك من يعيشون داخل منازل يفتقدون فيها الطعام أو الماء أو الملابس وإن هم حصلوا على بعض الطعام، فإنه يسد عوزهم ويساعدهم على التغلب على الجوع مؤقتاً، إذ هم لا يمتلكون مصدراً دائماً من الغذاء.
عملية معقدة
اضافة إلى ذلك، فإن عملية قياس الفقر وحسابه عملية معقدة وهناك الكثير من المقاييس التي يتم اللجوء إليها عند الحاجة إلى قياس الفقر، وواحد من الاعتبارات التي يجب التعامل معه عند استخدام أي من هذه القياسات، حجم الدخل العام للبلد والقوة الشرائية لعملته، كما أن احتساب الفقر وخط الفقر يرتبطان بالوضع المادي للطبقات الدنيا والفقيرة مقارنة بالطبقات الثرية من داخل المجتمع الواحد وعلى سبيل المثال، هناك خمس طبقات مختلفة في الولايات المتحدة من حيث دخلها وتشير احصائيات العام 1998م إلى ان ذلك الخمس الذي يمثل العائلات الأقل دخلاً في الولايات المتحدة قد حصل على «2 ،4%» فقط من اجمالي مداخيل العائلات الأمريكية كلها، فيما حصلت العائلات التي تمثل الخمس الأغنى على 3 ،47% من اجمالي الدخل، وهذان الرقمان يعكسان بشكل صارخ مدى فداحة مشكلة الفقر.
أما بالنسبة لفكرة تحديد مستوى الفقر فالبعض يعتقد أنه إذا كانت الجماعات ذات الدخل المادي القليل تملك ما يسمى بالسلع المعمرة مثل السيارات وأجهزة الكمبيوتر، إلى أخر هذه المقتنيات، فلا تعد هذه الجماعات ممن يطلق عليهم اسم الفقراء. وفي حين أن هذا التفسير لمعنى الكلمة يعد تفسيراً مادياً إلى حد كبير فإن هناك من الآراء ما ينزع إلي التفسير المعنوي للكلمة إذ تعني بالنسبة لبعض الآراء نوعاً من الإحباط الاجتماعي يمكن لبعض الأشخاص الشعور بالفقر إذا ما قارن نفسه بغيره من الأفراد المحيطين به، فليست المسألة مسألة الحصول على الاحتياجات المادية فقط، والواضح أن مجرد المناقشة بهذا الأسلوب تزيد من التعقيدات وتزيد من صعوبة الخروج بتفسير يرضي جميع الأطراف.
فمن الواضح أن الجميع يتفق على أن من يواجه الفقر والمجاعات يعتبرون من الفقراء، ولكن المشكلة تنتج عندما تطلق هذه الكلمة على مظاهر حديثة من عدم المساواة بين الشعوب. في أمريكا مثلاً يحلو للبعض أن يطلق على الأفروأمريكان كلمة فقراء، وسبب ذلك أن هذا النوع من الأمريكان ينتمون إلى الأحياء الفقيرة والبسيطة غير أن الفقر في هذه الأحياء لا يمكن أبداً مقارنته بالفقر المدقع الذي يجثم على صدور كثير من ساكني الأحياء في مدن بعض الدول النامية كما في مدينة سوارت الهندية التي كان قد تفشى فيها الطاعون سنة 1994م.
من جهة أخرى لم تعد مسألة الفقر تعني التهديد الكامل للجنس البشري وموته جوعاً ولكن المسألة بدأت تتخذ شكلاً آخر حيث أصبح نصف هؤلاء الذين لا يحققون مستوى المعيشة المتوسط ضمن المستويات المحيطة بهم والخاصة بمجتمعهم الذي يعيشون فيه. وهذا التفسير يمكن أن يكون مرضياً إلى حد كبير ومانعاً للجدل المثار حول هذه المسألة.
أسباب الفقر
لعل من أكثر الأمور المتعلقة بالفقر وضوحاً هو أن هذا المفهوم نسبي ويتغير من مجتمع إلى آخر بحسب قوة اقتصاده ودرجة تطوره ونموه، ولكن يمكن ملاحظة أن من بين العوامل المتسببة في ظهور الفقر الظروف المعيشية غير الملائمة والمقصود بذلك الافتقاد إلى التعليم وعدم قدرة الحكومات المعنية على اتخاذ خطوات اصلاحية اقتصادية فعّالة، إذ ان عدم حصول البعض على التعليم بنوعيه الرسمي وغير الرسمي يتسبب في حرمانهم من الحصول على وظائف دائمة وهو ما يجبرهم بالتالي على الرضا بوظائف مؤقتة ذات أجر ضئيل وهي وظائف لا تمنح أصحابها الأمان الوظيفي بالطبع، ونتيجة لذلك، تتسبب الوظائف المؤقتة ذات الأجور المخفضة والبطالة أيضاً في الوقوع في شرك الفقر، وهذا الشيء يمكن ملاحظته بوضوح في حالة الأمريكيين من ذوي أصول مكسيكية وأمريكية جنوبية إذ يتسبب فقدانهم للتعليم الجيد وأميتهم في أن يقبلوا بوظائف مؤقتة ذات أجور ضئيلة مما يؤدي إلى حالة الفقر التي يعيشون فيها رغم أنها على أرض الأحلام الأمريكية!! وحتى نظل مع المثال الأمريكي.
الأمر الآخر أنه حتى وإن تمتع الأشخاص بمستوى جيد من التعليم والتدريب فإنه يمكن أن تتسبب ظروف أخرى، خصوصاً في الدول النامية، في عدم الاستفادة من هذا التعليم بسبب عدم اتخاذ الاجراءات الاقتصادية الناجعة وتفعليها على أرض الواقع، أي أن الخبرات التعليمية والتدريبية تضيع سدى ولا يتم الاستفادة منها في تطوير مثل هذه الدول، وطالما ظل الاقتصاد في دولة نامية ما جامداً يراوح مكانه فإن مداخيل الافراد لن تزداد وسيبقون فقراء كما هم.
وبشكل إجمالي فإن نقص فرص العمل وتزايد البطالة أدى إلى ظهور مشكلة الفقر على مستوى كثير من دول العالم، ناهيك عن الدمار المباشر الذي لحق بالثروات الطبيعية المملوكة للشعوب، أو على الأقل الاستيلاء عليها من قبل الدول الرابحة في الحروب.
الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية
يمثل الفقر في الولايات المتحدة الأمريكية حالة خاصة فعلاً تعكس التنوع الاجتماعي والعرقي داخل ذلك المجتمع بداية، لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتسلم من مشكلة الفقر هذه رغم متانة اقتصادها وضخامة حجمه، كما أن الضمان الاجتماعي كان عاجزاً فيما يبدو على القضاء على المشكلة بل وتخفيضها. الاحصائيات تشير إلى أن الفقر قد انخفض بشكل واضح في أعتاب عام 1959م ليصل إلى أقل مستوياته عام 1973م متراجعاً مما يقارب 260% إلى مستوى 1 ،11%.
إحصاءات
تشير الاحصاءات إلى أنه في عام 1999م أقل من
12% من الفقراء الذين تتعدى أعمارهم السادسة عشرة كانت لديهم وظائف دائمة، كما أن 57% منهم لم يحصلوا على أية وظيفة، وبشكل عام يمكن ملاحظة أن نسبة الفقر تصل إلى 9 ،19% ضمن الأشخاص الذين ليس لديهم وظائف دائمة أم مؤقتة، فيما تنخفض مثل هذه النسبة بشكل واضح إلى 6 ،2% فقط ضمن نطاق الأشخاص الذين يتمتعون بوظائف دائمة.
فترة كساد
غير أن الفقر بدأ يزداد في الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشريني الماضي وهي الزيادة التي يعزوها الخبراء في جانب منها إلى دخول الاقتصاد الأمريكي فترات كساد خلال تلك السنوات، غير ان عدم تراجع الفقر إلى المستويات التي كان عليها خلال السبعينيات هو الأمر الذي فاجأ هؤلاء الخبراء إذ ان أنماط الفقر خلال السنوات الأخيرة في فروقات الدخل أدى إلى ارتفاع معدل الفقر داخل الولايات المتحدة الأمريكية من 3 ،11% عام 2000م إلى 7 ،11% عام 2001م فيما زاد عدد الأشخاص الذين يقعون تحت خط الفقر من 6 ،31 مليوناً عام 2000م إلى 9 ،32 مليوناً عام 2001م.
وتكشف احصائيات الفقر في الولايات المتحدة عن بعض الحقائق المثيرة ومنها أن نسبة الفقر ضمن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً تصل الى 3 ،16% أي أنها أعلى من الفئات العمرية الأخرى إذ ان نسبة الفقر ضمن الفئة العمرية من 18 إلى 64 عاماً ارتفعت من 6 ،9% عام 2000م لتصل إلى 1 ،10% عام 2001م غير أن أكثر الاحصاءات اثارة هي تلك المتعلقة بتوزيع الفقر على المناطق والأعراق، ففيما لم تتغير نسبته في المناطق الشرقية الشمالية والوسط الغربي، والغربي، ارتفعت نسبة الفقر في المناطق الجنوبية من 8 ،12% عام 2000م إلى 5 ،13% عام 2001م
أما من حيث توزيع الفقر على الأعراق البشرية حيث يتمتع المجتمع الأمريكي بأنه بوتقة يحاول فيها مختلف البشر من ذوي أصول عرقية مختلفة التجانس داخلها فإن الأرقام تشير إلى أنه في الوقت الذي لم تتعد نسبة الفقر في أوساط الأمريكيين البيض 8 ،7%، فإنها وصلت إلى نسبة 7 ،22 % داخل فئة الأمريكيين الملونين ذوي البشرة السوداء وحوالي 4 ،21% ضمن أولئك الذين ينحدرون من أصول مكسيكية وأمريكية جنوبية، وهي في الوقت نفسه لا تتعدى 2 ،10% في حالة الأمريكيين من ذوي أصول آسيوية.
كيف يمكن القضاء على الفقر؟
لعل من أبرز الحلول العملية للقضاء على الفقر ايجاد وظائف مستديمة لمن لا يملكون وظائف ذات مداخيل ثابتة مع التأكد من أنهم يستمرون على رأس العمل، ذلك أن الفقر مفهوم منتشر وظاهرة مستفحلة في أوساط تلك الفئات التي تفتقد إلى الوظائف، وهكذا فإنه من الضروري القضاء على البطالة للتخلص من الفقر وآثاره السلبية.
هنا يبرز التساؤل عن مدى فعالية تحديد خط أدنى للأجور في تقليل الفقر؟ بعض الدراسات التي تم اجراؤها في الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى أن وضع مثل هذا الحد الأدنى للأجور له تأثير قليل إن لم يكن ضئيلاً جداً على التقليل من نسبة الفقر ذلك أن كثيراً من الفقراء أي الغالبية الكبيرة منهم، إنما هم من صغار السن وكبارها، ممن لا يعملون وبالتالي فإن التأثير لمثل هذا الحد الأدنى للأجور سيكون محدوداً أو غير مباشر.
إجراءات أخرى
ومن الاجراءات الأخرى التي يمكن تفعيلها للتقليل من الفقرالحد من الفروقات الكبيرة في مداخيل الأفراد.. ذلك أن الدراسات المتخصصة تشير إلى أن زيادة النمو واحداث تغيير واضح في توزيع المداخيل يلعبان دوراً أساسياً في تقليل حدة مخاطر الفقر ووجوده.. ولعله من المثير فعلاً ما جاء في دراسة كندية أشارت إلى أن أكثر الأشخاص صحة وأشدهم عافية لا يعيشون في الدول الأكثر غنى بل هم يعيشون في تلك الدول التي تقل فيها هوة الثراء بين الأغنياء ومن هم أقل ثراء.
ان الفروقات بين الأغنياء والفقراء قد أصبحت شديدة الوضوح والحقيقة ان المسافات بينهما قد أصبحت أكبر بحيث يزداد الغني غنى والفقير فقراً والغريب في الأمر ان ذلك لا يعني قلة السلع الاستهلاكية، إذ لم يشهد العالم وفرة في الغذاء كما يشهدها الآن ويرجع ذلك إلى التقدم التكنولوجي الكبير الذي يزداد كل يوم.
وعلى العكس من ذلك فإن العالم لم يشهد حدوث المجاعات المتزايدة والكوارث من هذا النوع أكثر مما شهدها في هذه الأيام. ففي ظل هذا العالم التكنولوجي هناك عدد من الناس من يعيش بلا مأمن ولا عائل، وهناك من قد لايحصلون على مياه نقية للشرب أو من لايجدون قوت يومهم والأسوأ ان من الأطفال من لايجدون الجرعات الكافية من السعرات والبروتينات اللازمة لنموهم وذلك كان سبباً في ان نحو بليوني شخص على مستوى العالم يعانون الأنيميا.
وبعد كل هذه الظروف وعلى الجهة الأخرى فإن العالم الأول كما يسمى أو عالم الدول المتقدمة لاينظرون إلى مثل هؤلاء المعانين والمعذبين في العالم والمسألة بالنسبة إليهم ان هناك معدلات للفقر ضمن سكان العالم كما ان هناك نسبة من الأغنياء، ولكنهم لايشغلون بالهم حتى بالتمييز بين من يطلق عليهم الأغنياء ومن يطلق عليهم الفقراء.
وقد تكون هذه الدول المتقدمة تشعر بذلك جيداً وعلى وعي به، وهذا ما يجعلها تستمر في سياستها مع الدول النامية، والواضح ان الدول الغنية في العالم قد تمنح أو تتبرع لتلك الدول الفقيرة من أجل تحقيق أهدافها الخاصة.
أيضاً تقدم هذه المنح للدول بنظام معين وبحسابات دقيقة فالمنح غير المشروطة والكافية لاحتياجات البلد يمكن ان تؤدي إلى اكتفائه واستقلاله بحيث لايصبح تابعاً بعد الآن: وهذا ما لا ترضى عنه الدول الكبرى المانحة وعلى كل حال فإن ذلك يعدّ جزءاً مكملاً لمخططات العولمة التي تسمح للدولة الغنية بالازدهار ودول أخرى بأن تظل فقيرة وتابعة لها.
وعلى أية حال فإن عملية التبرع وإعطاء المنح ليست سهلة ولا خالية من المشكلات أيضاً إذ إن كل دولة لها سياستها وأنظمتها وأولوياتها الخاصة. أما الوفاء بهذا التبرع أو رده من قبل الدول المستفيدة فيعد الجزء الأصعب من المسألة، إذ ان الدول المتبرعة تفرض شروطا قاسية على الدول المستفيدة إما بالفوائد وإما عن طريق التدخل في سياسة الدولة تجاه هذه المنحة بحيث تفرض شرط الاشتراك في انشاء المشاريع المعنية وطبعاً يكون ذلك من داخل القرض وفي بعض الحالات يمكن ان تشترط الدولة المانحة ان تخفض الدولة المستفيدة من المصروفات الضرورية للنماء الاقتصادي في البلد من أجل دفع القرض، ومن ثم فإن هذه الدول لا تستفيد من القرض بالشكل المطلوب، ومن جهة أخرى تصبح تابعة وغير مستقلة ويمتد التحكم الذي تفرضه الدول المانحة إلى استغلال المحاصيل الزراعية التي ينتجها البلد بل والتحكم فيها فيمكن ان تطلب الدولة ان تزرع محاصيل معينة لكي تستفيد منها، مما يوضح فكرة الاستعمار المقنع الذي تقوم به الدول الكبرى عن طريق دفع بعض الأموال.
وكمثال على ذلك تشير بعض التقديرات المتحفظة إلى أن دول أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي يمكن لها أن تحصل على دخل اضافي يصل إلى بليون دولار سنوياً لو أزالت الولايات المتحدة الأمريكية بعضاً من القيود التجارية التصديرية التي تفرضها على مثل هذه الدول، وهي قيود يتم فرضها لأجل عيون المصنعين داخل أمريكا بالطبع، إذ ان الهم الأول لمثل هؤلاء التجار الحصول على أكبر كم ممكن من المال حتى وإن كان الأمر يتسبب في ازدياد سكان دول أخرى فقراً، كما أن المبالغ التي يتم دفعها كخدمة للديون التي تقوم الدول الكبرى بتقديمها تُعد أحد أكبر أسباب تكبيل أيدي الدول النامية وتعجيزها عن تحقيق النمو الاقتصادي الذي تدعي الدول الكبرى أنها ترغب في مساعدة مثل هذه الدول النامية على بلوغه.
خدمة الديون
ويكفي الاشارة في هذا الصدد إلى أن الدول الأفريقية تدفع مبالغ مالية ضخمة تصل إلى 15 بليون دولار سنوياً للدول التي قامت باقراضها وهذه المبالغ تمثل فقط خدمة الديون، ولو أن مثل هذه المبالغ تم صرفها على الجهود الحثيثة للقضاء على الفقر وتحسين الخدمات الصحية لأمكن على سبيل المثال السيطرة على مرض نقص المناعة المكتسب «الايدز» وكبح خطر انتشاره في تلك الدول، غير أنه من الواضح أن البعض من الدول الكبرى غير عابئ بحقيقة تحول هذا المرض إلى وباء يهدد بالقضاء على دول كاملة بل إن هناك توقعات بأن معدل أعمار سكان أربع دول أفريقية هي ناميبيا، سويزيلاند، زيمبابوي، وبتسوانا لن يتعدى 33 عاماً.
رؤية مستقبلية
هناك العديد من التغييرات التي تفرض نفسها عند وضع أي تصور لما سيكون عليه المستقبل بشكل عام.
وهذه التغيرات هي تغيرات في البيئة وزيادة في عدد سكان العالم وزيادة تقارب واتصال العالم بعضه ببعض واختلافه وتشعبه وتحدث هذه التغيرات بشكل عميق وقوي جدا. وفي ظل هذا العالم سوف يعيش الطفل المولود الذي يبلغ متوسط عمره 65 سنة في ظل عالم يزداد حرارة وأكثر ازدحاما واتصالا بعضه ببعض ولكنه ايضا اكثر اختلافا ومع الاسف فإن هذه المجريات سوف تؤثر في مهمة القضاء على المجاعات في العالم بأشكال مختلفة.
التغيرات البيئية
تفيد التقارير والتقييمات الحديثة ان نسبة تركيز ثاني اكسيد الكربون سوف تتضاعف في الجو مع زيادة في نسبة الغازات الاخرى مما يسبب ارتفاع درجة الحرارة بنسبة 1 الى 5 ،3 درجة مئوية هذا بالاضافة الى التغيرات في نسبة تبخر الماء ... ومستوى سطح البحر وتطرف درجات الحرارة التي ستكون مصحوبة باثنين من التغيرات في بيئة الانسان المحلية والاقليمية خاصة في الدول النامية.
وأولى هذه التغيرات ازدياد نسبة التلوث، وخاصة زيادة الامطار الحمضية في الغلاف الجوي، والمعادن الثقيلة في التربة وزيادة المواد الكيميائية في المياه الجوفية. اما الثاني فهو حدوث هجوم حاد على الحيوانات والنباتات التي يمكن أن تؤدي الى التصحر في المناطق الجبلية والاستوائية، وكذلك الى انقراض عدة فصائل من الحيوانات.
أما مالا نعرفه عن آثار درجة الحرارة المرتفعة هو أن تأثيرها يمكن ان يختلف من منطقة الى اخرى ومن هذه التغيرات أن مادة ثاني اكسيد الكربون التي من شأنها زيادة درجة حرارة الارض يمكن ان تحسن من حالة نمو معظم النباتات. وايضا فإن الدخان الكبريتي الذي من شأنه ان يكون الأمطار الحمضية يمكن ان يعكس اشعة الشمس وبالتالي يمكنه ان يقلل من حرارة الأرض.
زيادة عدد السكان
يتوقع الخبراء زيادة سكانية في العالم من بين 8 الى 15 بليون نسمة مع معدلات للتوقع بنسبة 11 الى 12 بليون في عام 2150.
وسوف يستقر هذا المعدل خلال القرنين القادمين وسوف تزيد نسبة سكان العالم في الدول النامية من 77% عام 1990 إلى اكثر من 85% وسوف يكون اكثر من نصف سكان العالم من سكان المدن، مع زيادة تصل لعشرات الملايين في مدن العالم، وهذه الظروف سوف توثر بشكل خاص في الاطفال الذين سوف يولدون. اما الغذاء فسوف تتطلب زيادته بنسبة ثلاثة اضعاف وزيادة الوسائل المتاحة من أجل الانتاج والتوزيع.

..... الرجوع .....

اعرف عدوك
قضية العدد
الطابور الخامس
تكنولوجيا الحرب
النصف الاخر
الطب البديل
تحت المجهر
تربية عالمية
الفن السابع
عالم الاسرة
المنزل الانيق
ثقافة عالمية
رياضة عالمية
عواصم ودول
نادي العلوم
هنا نلتقي
الصحة والتغذية
عالم الغد
الصحة والتأمين
أنت وطفلك
الملف السياسي
فضائيات
غرائب الشعوب
وجهة نظر
الاخيرة
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved