Al Jazirah Magazine Tuesday  12/02/2008 G Issue 253
واحة الإدارة
الثلاثاء 5 ,صفر 1429   العدد  253
الإدارة في الإسلام
الإستراتيجيات العمرية لمحاربة الفساد

كان عمر رضي الله عنه قدوة تمشي على الأرض فقد أنزل نفسه رضي الله عنه من بيت مال المسلمين منزلة ولي اليتيم فها هو يقول: (ألا إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم: إن استغنيت استعففت, وإن افتقرت أكلت بالمعروف).

ويخرج الفاروق ذات يوم إلى السوق في جولة تفقدية فيرى إبلاً سمانا تمتاز عن بقية الإبل بنموها وامتلائها فيسأل: إبل من هذه..؟ فيجاب: إبل عبد الله بن عمر.

وينتفض أمير المؤمنين وكأن القيامة قامت فيقول: عبد الله

بن عمر.. بخ بخ. يا ابن أمير المؤمنين..!! وأرسل في طلبه من فوره وأقبل عبد الله يسعى وحين وقف بين يدي والده قال لابنه: ما هذه الإبل يا عبد الله..؟ فأجاب: إنها إبل أنضاء -أي هزيلة- اشتريتها بمالي وبعثت بها إلى الحمى -أي المرعى- أتاجر فيها وأبتغي ما يبتغي المسلمون.

فعقب عمر في تهكم لاذع ويقول: (الناس حين يرونها.. ارعوا إبل ابن أمير المؤمنين.. اسقوا إبل ابن أمير المؤمنين.. وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك يا ابن أمير المؤمنين).

ثم صاح به: يا عبد الله, خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل واجعل الربح في بيت مال المسلمين.

3- لم يكتف الفاروق عمر بهذا السياج الذي أحاط به نفسه وأسرته في حربه ضد الفساد الإداري بل أحاط نفسه بسياج آخر شكل محور الأمان الحقيقي للقضاء على جذور هذا الوباء في المجتمع عندما رفع شعار: (الحاكم تحت رقابة المحكوم).

حيث عمد الخليفة بهذه السياسة إلى الارتقاء بجانب الرقابة الإدارية إلى أبعد مستوياتها، خصوصاً وأن الخليفة عاد ليبدأ بنفسه مرة ثانية.

يروى أنه دعا الناس فصعد المنبر فقال: (يا معشر المسلمين, ماذا تقولون لو ملت برأسي إلى الدنيا..؟ إني لأخاف أن أخطئ فلا يردني أحد منكم تعظيما لي إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني).

فقال رجل: (والله يا أمير المؤمنين, لو رأيناك معوجا, لقومناك بسيوفنا). عندها أجاب الخليفة الزاهد والفرحة تعمر قلبه، قائلا: (رحمكم الله, والحمد لله الذي جعل فيكم من يقوم عمر بسيفه).


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة