الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 22nd March,2005 العدد : 119

الثلاثاء 12 ,صفر 1426

لبنان.. يا لبنان!!
هذا البلد الجميل..
الذي تقودنا طبيعته إلى حبه والتعاطف معه..
بكل هذا الزخم الكبير من عواطفنا ومشاعرنا..
ونحن الخائفون أبداً عليه من أهله قبل خوفنا عليه من الآخرين..
إلى أين يسير من أسرنا بحبه وما زال..؟
***
لبنان الشقيق..
بحضارته..
وريادته..
ودوره المؤثر..
لماذا يصر أبناؤه على دفن وتغييب كل جميل فيه..؟
وتشويه ما نعده تميزاً وتفرداً في هذا البلد دون غيره..؟
***
لبنان، بلد التعدد..
والحرية..
والديمقراطية..
الموشحة بهذه الطبيعة الخلابة..
لماذا يسن أهله سكاكينهم لدفن كل هذا الجمال..؟
ومن المستفيد من هذا السباق المحموم بين أبناء البلد الواحد على اقتلاع زهرة أو دفن وردة أو منع شتلة مورقة من النمو..؟
***
ويلي يا لبنان..
ويلي يا أهل لبنان..
مما تحضرونه لبلدكم ولأنفسكم من دمار وقتل ودماء..
في لحظات يغيب فيها مع شديد الأسف الوعي وعدم استحضاركم لتلك المآسي التي مر بها لبنان من قبل.
***
علموا الآخرين أن الديمقراطية تعني الحوار المنضبط لا التراشق بالكلام البذيء..
قولوا لهم إن الحرية تعني فيما تعنيه عدم الاعتداء على حريات الآخرين ولو بكلمة عابرة أو رأي غير صحيح..
تحدثوا للغير بما يعطي أحسن انطباع عن وعيكم وتاريخكم وكل هذا الازدهار المفرح الذي تحقق لبلدكم..
نريد أن نرى هذا، لا ما نراه من مشاهد مبكية ومحزنة ومؤلمة لا نعرف إلى ماذا ستقودكم في المستقبل المنظور.
***
لبنان هو حبنا الكبير..
وكل قطرة دم تراق تؤلمنا وتمسنا بالسوء..
وهؤلاء الأبرياء الذين يغدر بهم من حين لآخر، فيما هم يستحقون التكريم والتبجيل منكم، إنما يمثل ما جرى ويجري قمة الخزي والعار أمام هول المصاب..
فيا لبنان..
ويا أهل لبنان..
كفوا عن إيذاء أنفسكم..
وعودوا إلى رشدكم قبل أن يفوت الأوان.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
أصبحت تضاهي كبريات المدن العالمية
مدينة عمّان..ازدواجية وثنائيات
د.وليد أحمد السيد(*)

تسنح لي الفرصة بين الحين والآخر بزيارة أهلي وبعض المقربين من الاصدقاء في مدينة عمّان الاردنية. مدينة تحفل ذاكرتها الصغيرة بذكريات الطفولة والدراسة التمهيدية ثم الاعدادية والجامعية عدا عن ذكريات العمل كصبي يافع ثم كمعماري.
مدينة صغيرة تكاد الارض تحتها تنأى بحملها؛ تتكدس فيها وحولها اغلبية سكان المملكة وبها عصب الحياة الحديثة ومقوماتها مقارنة بمعظم مدن المملكة الاخرى التي تطوقها محيطات من الكثبان الرملية لتعزلها كالجزر المتناثرة في أديم الصحراء الممتد. مدينة صغيرة تتوسع باطراد ملحوظ باتجاه الغرب في آن، وفي نفس الوقت تنقسم على محور ممتد يفصل شرقها عن غربها ليس فصلا جغرافيا فحسب، وانما فصلا اجتماعيا واقتصاديا معلنا عن مدينة ابرز ما يميزها هو ثنائيات ومفارقات مرعبة: شرق مدقع الفقر يقابله غرب فاحش الثراء، ويفصلهما محور شارع الاردن وامتداده شمالا. وسط متآكل تاريخي مقابل محيط هو مسرح للاجتهادات المعاصرة بدعوى الأصالة. أحياء تصارع أمية الثقافة العالمية واللغات الأجنبية مقابل أخرى تصارع أمية الثقافة والعادات واللغة المحلية. جبل يزهو بمن يسكنه من علية القوم يشرف على واد يكتظ بمن يسكنه ممن خانه حظه في هذه الحياة. وجبل آخر محظوظ لأن وقعت عليه أعين من يصنعون القرار واستثماراتهم فأصبح (راقيا) مقابل جبل آخر قد يخجل بعضهم من الانتساب اليه ودعوى السكنى به، وما به من علة سوى براءته من استثماراتهم وخطط التنمية.
غادرتُ مدينة عمان للدراسة قبيل ما ينوف على العقد الواحد غادرتها قبل أن يعرف بعض المثقفين بها ما هو البريد الالكتروني وأيام كان أحدهم يختال بمشيته والجوال الذي كان يكلف بضعة آلاف الدنانير يتدلى من وسطه المكتنز بالشحم. غادرت المدينة بعد أن سنحت لي الفرصة للمساهمة في تصميم وبناء بعض المساكن الخاصة في شرقها وغربها. غادرتها وقد لاحت آنئذ بوادر التغير المتمثل بالهجرة المعاكسة والرغبة في الاستثمار العقاري من بعض اصدقاء طفولتي الذين فرق بيننا المحيط الاطلسي ردحا من الزمن. ودعتها وقد احتدم النقاش حول وسط المدينة المحيط بالجامع الحسيني الكبير والممتد لمجمع النقليات بالساحة الهاشمية والمنطقة الجبلية التي تتلوى صعودا حتى جبل القلعة نقاش شهدته ردهات المؤسسات الأكاديمية والمهنية والحكومية والقطاع الخاص. تعالت الاصوات وساد هرج ومرج، كل يدلي بما لديه من أفكار حالمة نيرة تطل ببلادة من أبراج الغفلة الاجتماعية وغيابات الغيبوبة الثقافية المحلية، لدرجة أن أحدهم ذهب إلى حد اقتراح إيجاد تلفريك على غرار سويسرا يصل بين الساحة الهاشمية وبين جبل القلعة التاريخي بما فيه من آثار بعضها يعود للعصر الاموي. تلفريك بشرق المدينة التي لا تزال تبحث عن مكان لمجمع النقليات بمدينة عمان والذي ما فتئ يزحف باتجاه مدينة الزرقاء وحيث وجدت في زيارتي الأخيرة انه من أجل الوصول إلى مجمع النقليات من وسط البلد وكانت المسافة آنذاك تبعد خمس دقائق على الاقدام يتعين الآن ولاشعار آخر ركوب اتوبيس للوصول إلى الاتوبيس الذي كان ينقلك إلى وجهتك. فماذا تمخض عنه الجبل بعد عقد من الزمان يا ترى؟ وماذا تفتقت عنه عقليات مخططي غرب عمان لتطوير لا أقول شرقها فحسب بل مدينة آخذة بالانشطار على محورها وحيث تتسع الهوة بين مطلع الشمس بها وبين مغربها؟.
تغيرات دراماتيكية
بين الزيارة والأخرى طالت أم قصرت يروعني التسارع الذي تشهده المدينة من تغيرات ملحوظة جلها دراماتيكية ليس فقط في البيئة المبنية إنما تغيرات اجتماعية عبثت بها أياد اقتصادية وبعض من بركات التكنولوجيا العالمية واجتياحات رياح التداعيات والفوضى الاقليمية بما تزجها من طيور مهاجرة. من التغيرات الاجتماعية أن عمان أصبحت تضاهي كبريات المدن العالمية اليوم ولا فخر فبها أضحت سرقات الجوال يومية وما عهدت المدينة إلا الامانة سابقا وتشيع ظواهر النصب والاحتيال للحصول على لقمة اليوم. وإن شئت أن تعرف مجتمع مدينة ما فعليك بسائقي التاكسي؛ فهم الناطق غير الرسمي باسمها وما يدور بها. فأثناء زياراتي القصيرة يطيب لي التنقل بالتاكسي؛ ففي ذلك فرصة لاستدراك ما فاتك من خلال أفواه سائقيها ودون خطب رنانة أو كلمات مسبقة، إذ تأتيك العبارات عفو الخاطر. فمن سائق يشكو إليك ولا يعرفك خيانة صديق العمر له في بضعة آلاف الدنانير وما عهد به من غدر أو خيانة قبل تطور الحال بالمدينة وآخر ينفث اليك بقلق اجتماعي مفعم بالتوتر والأسى لما آلت اليه حال المستورات من جراء التداخلات الاقليمية والبرامج عبر الفضائيات ومن خلال التسهيلات التي يقدمها الجوال. وفي اليوم الاخير قبل سفري للعودة للندن أخذت تاكسي من شارع (الثقافة والأدب) بمنطقة الشميساني بعمان الغربية وإذا بسائق التاكسي رجل كث الشعر أشيب قد أحنت عوده السنون وعلت وجهه مسحة من الطيبة عبر التجاعيد التي رسمها الزمن بتأن فقال لي ساخرا والحَرُّ غير المعهود يلفح كلينا في ذلك اليوم من شهر كانون الثاني: أتعرف ما اسم هذا الشارع؟ قلت: قال لي صديق انه شارع الأدب. فرمقني بنظرة باسمة وأردف: نعم هذا شارع الثقافة فستمر الخنساء من هنا بعد برهة! فقد رأيت المتنبي والسموأل يتسكعان هنا قبل هنيهة.
تحسست قدماي بلهفة وشوق الشارع الذي ينحدر من جبل عمان الدوار الثالث حيث موقع مكتبنا سابقا وانحدرت قدماي مع قدمي أخي محمد باتجاه وسط البلد والجامع الحسيني وسوق السكر، حيث لا سكر انما خضار وفاكهة. تغييرات طفيفة إجمالا فعدا عن أن البريد المركزي أصبح أكثر رونقا وجاذبية ثمة تغييرات تلوح في الافق في مواقع متميزة، حيث مقهى السنترال بموقعه الفريد وآخر مقابل الجامع الحسيني ولا ندري كيف نستجيب له فلننتظر ونرى. ويطالعك لدى تجوالك في وسط البلد صاحب محل يتسكع أمام محله يدعوك للدخول بلهفة في أسواق جديدة.
البنك العربي بالشميساني ذو الواجهات الزجاجية الشطرنجية انقسم انقساما غير مباشر كما الخلية تماما، فولد أخا شقيقا يقبع مطلا على مدينة عمان ومعلنا عن ثورة اقتصادية عارمة تزيد عمان الغربية ثراء وشرقيها بؤسا وفقرا.. بنك ذو طابع معماري وكمعظم المباني في عمان الغربية يطل متحديا من كان ينادي بدعوى الأصالة والتراث من معماريي عمان الغيورين على الطابع المحلي. مشاريع جديدة تشهدها عمان الغربية تكرس اقليمية اقتصادية وتعلن عن بصمة هذا المعماري أو ذاك صائحين من خلال مبانيهم: نحن هنا. أبراج وفنادق ومحلات تجارية ومشاريع ضمن إطارات العولمة ولكن بلافتات معربة، الماكدونالدز والبرغر كنج والسيفوي وقائمة لا تنتهي من الشركات العالمية المستثمرة التي درست المخطط للمدينة وقررت أن زبائنها سيكونون بالتأكيد في غرب عمان؛ إذ من الواضح أن شرق المدينة (مبهدلا) بما فيه الكفاية لأن يلجأ أحدهم لسد جوعه بساندويتش برغر أو دجاج مقلي من العم كنتاكي بخمسة دنانير هي مخصصات الاسبوع للطعام لأفراد العائلة جميعا. ويبدو أن أحدهم ممن يقطن منطقة عبدون أحد أغنى مناطق عمان الغربية قد ضاق ذرعا بمرور سيارته من خلال وادي عبدون المجاور الذي يرتمي أسفل الجبل راضيا بحظه من هذه الدنيا فارتأى إقامة جسر (أكروباتي طائر) يصله بجبل عمان مرورا فوق وادي عبدون على ارتفاع عشرات الامتار ودون الحاجة لتدنيس عينيه بمناظر الفقر المدقع.
في ناحية أخرى من المدينة ثمة دراما أخرى تدور رحاها شارع الاردن الجديد وطئ بقدمه على المخيم القابع بحيرة بين جبلي النزهة والحسين فمحا معظمه عن وجه البسيطة. قد يكون قرارا تخطيطيا فيه من الصواب ما فيه وفيه من تعويض المتضررين ما فيه وقد يبدو أنه يصل وسط المدينة بغربها بوقت يسير إنما ماذا حصل لمن شردهم الشارع الجديد؟ وهل كفلت قيمة التعويضات مأوى لهم وهم من أقل سكان عمان حظا؟ وهل المخطط على دراية بما سيحيط بالشارع مستقبلا أم ترك ذلك للمستقبل ولرغبات المستثمرين المتنفذين؟ أعرف عائلة انتقلت من (تحت قدم هذا الشارع) لتسكن بجوار شارع الاستقلال على قطعة أرض تشبه قطعة الجبنة المثلثة زاويتها لا تكفي الا لمساحة عرض الدرج إذ ارتأت (هيئة التخطيط) اقتطاع المزيد من الارض المثلثة تحسبا للمستقبل لمصلحة الشارع. هل كان هذا ليحدث لو كان لأحدهم في عمان الغربية؟؟!.
هذه شذرات من أريج عمان تبثها إطلالات قصيرة لمن عاش بها ويرقب تغيرات تعلو وجهها عبر الزمن والاهم من ذلك ما يعلق ببنيتها الاجتماعية من تداخلات.
ونتساءل: هل من جهة واعية تتنبأ بها وتتحسب لها أم هي فقط جهات تخطط السطح الخارجي لبيئتها المبنية بمعزل عن مجتمعها وما تتوالد به من مشكلات مستجدة؟. وكلمة في الختام: مدينة عمان لا تحتاج لرومانسيين أو تجريبيين أو حالمين يطلون على شرقييها من غربها العاجي مدينة عمان تحتاج للجنة تخطيط واعية بمشاكلها الواقعية وبشرقها قبل اعتبار مصالح غربها للحيلولة دون المزيد من توسيع الهوة بين ثنائياتها المتناقضة.


(*) معماري وباحث عربي جامعة لندن
sayedw03@yahoo.co.uk

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
عواصم ودول
نادي العلوم
المستكشف
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
العمر الثالث
استراحة
تقرير
إقتصاد
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
اثار
من الذاكرة
روابط اجتماعية
الحديقة الخلفية
شاشات عالمية
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved