الاقتصادية المعقب الالكتروني نادي السيارات الرياضية كتاب واقلام الجزيرة
Tuesday 31th May,2005 العدد : 129

الثلاثاء 23 ,ربيع الثاني 1426

ما الحل..؟!!
على مدى سنوات كثيرة..
ومنذ زمن طويل..
نادى من نادى بأهمية دمج المؤسسات الصحفية الضعيفة في المؤسسات الصحفية ذات الإمكانيات المادية والتحريرية الأفضل..
بأمل إنقاذ الصحف المتواضعة في مستواها من المعاناة التي تعيشها وتطوير الصحف الأقوى بإضافة إمكانات جديدة لها..
***
وكانت لهذه الفكرة من يناصرها ويؤيدها ويتحمس لها بإثارتها من حين لآخر..
في مقابل من يشكك في جدواها ومن يحذر من نقل المرض من هذا الجسم العليل إلى الجسم المتعافي والصحيح..
وظل هذا التجاذب والحوار لسنوات دون أن يُفعَّل أو يُطوَّر أو يتم التوصل إلى نقطة التقاء..
إلى أن لاذ الجميع بالصمت ولم تعد مثل هذه الفكرة مطروحة للنقاش من جديد..
***
وظلت الصحف الضعيفة تترنح على مدى أربعين عاماً، وتحديداً منذ قيام المؤسسات الصحفية وصدور الصحف عنها دون أن يطرأ أي جديد عليها..
فيما تواصل المؤسسات الصحفية القوية والأقوى جهودها في تطوير إصداراتها سعياً نحو بلوغ أهدافها المحددة..
والسؤال: وماذا بعد..؟
***
يرى البعض أن هذه الصحف أعطيت بما فيه الكفاية من الوقت لتطويرها، وأنه آن الأوان لتدخل من الدولة لمعالجة أوضاعها المتردية..
ويقول آخرون، اتركوها لحالها إلى أن تموت أو تتطور مهما احتاج ذلك إلى مزيد من الوقت وفترات أخرى من الزمن..
***
والرأي الحكيم الذي أميل إليه، أن على الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات في المؤسسات الصحفية المعنية أن تدرس أوضاعها دراسة متأنية للخروج بتصور كامل يساعد على أخذ القرار المناسب والمفيد لها..
وأن تكون القرارات التي يتم التوصل إليها حازمة ومقبولة ومناسبة للاطمئنان على أنها تصب في مصلحة هذه المؤسسات وتنقذها من الوضع الذي تمر فيه بعد أن طال الانتظار..
***
والخطوة الأهم، الأكثر أهمية..
أن على وزارة الثقافة والإعلام أن تتدخل وبشكل جدي للمساهمة في العلاج المناسب والمطلوب والملح اليوم قبل الغد..
ولسنا في حاجة إلى تذكير الوزارة بأن المهدئات والمسكنات التي اعتادت أن تقدمها لهذه المؤسسات لم يكن لها أي تأثير أو فائدة أو نصيب في خروجها من النفق المظلم..
وهو ما يعني أن على الوزارة مشكورة أن تتحمل جزءاً من المسؤولية وأن تقف إلى جانب هذه المؤسسات وتساعدها...
***
فهذه صحف لها تاريخ..
ولها ريادة..
وتصدر في دولة ذات إمكانات مالية وبشرية وعلمية كبيرة..
ولا ينبغي أن تترك للمجهول، أو أن تبقى على الحال الذي لا يسر.


خالد المالك

width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
خبراء يحاولون الرد على التساؤل:
هل هناك مخرج أمريكي (أخلاقي) من العراق؟!

* إعداد أشرف البربري
قبل شهور شهد العراق أول انتخابات ديموقراطية منذ عشرات السنين. ثم تشكّلت الحكومة العراقية الجديدة على أساس نتائج هذه الانتخابات. فهل حان الوقت لكي تخرج الولايات المتحدة من هذا البلد الذي غزته في مارس 2003م؟ وما هو التزام الولايات المتحدة تجاه العراق؟ ومتى يمكن القول إنها أوفت به لتخرج من هناك؟
هذه الأسئلة وغيرها من الموضوعات المتعلقة بالعراق والمأزق الأمريكي هناك طرحت على بساط البحث من خلال حوار مائدة مستديرة عقدها معهد كورك لدراسات السلام الدولي بجامعة نوتردام الأمريكية ومركز الدراسات الثقافية والدينية في جامعة فوردهام ومؤسسة منتدى الحرية الرابع.
***
خطأ الانسحاب
في بداية النقاش قدم لورانس كابلان كبير محرري مجلة (نيو ريبابليك) وكبير الباحثين في معهد هدسون للدراسات الاستراتيجية مداخلة قال فيها إن المطلوب الآن من كل الذين عارضوا في البداية قرار الغزو الأمريكي للعراق إظهار حسن نواياهم والاعتراف بأننا الآن لم نعد في مجال البحث أو الخلاف بشأن قرار الغزو وما إذا كان القرار صائباً أو مبرراً. وإنما علينا أن نناقش الآن كيفية الخروج من العراق. فالولايات المتحدة قلبت الأوضاع في العراق رأساً على عقب وأوجدت ظروفاً تجعل العراقيين عاجزين عن مواجهتها بمفردهم.
وهذا يعني أن انسحاب القوات الأمريكية من العراق قبل توافر الظروف الملائمة لتنفيذ هذه الخطوة خطأ كبير. وإذا كانت أمريكا قد ارتكبت أخطاء في العراق في الماضي فإن خروجها منه الآن خطأ أكبر. فإذا أعدنا القوات الأمريكية إلى بلادها قبل عودة الاستقرار إلى العراق فسوف تظل الولايات المتحدة مذنبة في كل ما سيعاني منه العراق.
ويواصل كابلان عرض رؤيته للموقف الراهن ويقول: بعيداً عن الجانب الأخلاقي في ترك دولة غزتها الولايات المتحدة ودمّرت استقرارها لتواجه مصيرها بمفردها فإن السؤال الأهم هو كيف يمكن للقوات الأمريكية من الناحية العملية الخروج من العراق في ظل الظروف الراهنة التي يمكن القول عنها إن أمريكا لم تحقق أي شيء هناك؟! فنتيجة قرار مثل هذا ستكون كارثة استراتيجية.
فالحيلولة دون تفتت العراق وتلاشي استقراره يعني الحيلولة دون تحول هذه الدولة الواسعة إلى نسخة من أفغانستان خلال التسعينيات عندما عانت البلاد من فراغ رهيب ملأته المنظمات الإرهابية وبخاصة تنظيم القاعدة الذي وجد في أفغانستان الخالية من سلطة حقيقة ملاذاً آمناً له على مدى سنوات. والشيء الوحيد الذي يحول دون هذه النتيجة المفزعة هو وجود حكومة عراقية تحتكر القوة وأدواتها نسبياً. ولكن الحكومة العراقية الحالية لا تمتلك هذه القوة ولا أدواتها.
فالشرطة والجيش والحرس الوطني التي تم تشكيلها حديثاً في العراق أبعد ما يكون عن تحقيق السيطرة على الأوضاع الأمنية في العراق. هذه التشكيلات العسكرية العراقية ما زالت تفتقر إلى التدريب والتسليح والعدد الكافي.
والآن فالولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على سد الفجوة التي تعاني منها قوات الأمن الحكومية العراقية ولا يمكن لطرف آخر غير الولايات المتحدة أن يملأ هذا الفراغ في الوقت الراهن.
وفي محاولة من جانبه لتدعيم وجهة نظره الداعية إلى استمرار الوجود العسكري الأمريكي في العراق حتى يتحقق الاستقرار والأمن لجأ كابلان إلى تصريحات قادة نظام الحكم العراقي الموالي للولايات المتحدة فنقل عن رئيس الوزراء العراقي الجديد إبراهيم الجعفري قوله (إذا أرادت الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق بسرعة فلن يكون أمامنا أي خيار) سوى القبول مع كل ما ينطوي عليه هذا من مخاطر.
أما موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي السابق فيقول إن احتمال انسحاب القوات الأمريكية من العراق قريباً هو (وصفة لإحداث كارثة).
وعن الأمريكيين الذين يرون نزيف الخسائر البشرية والمادية في صفوف قواتهم المرابطة في العراق يقول كابلان: (على الأمريكيين أن يسألوا أنفسهم عما هم مدينون به تجاه العراق).
ويواصل كابلان مناقشة هذه النقطة فيقول إنه إذا كان البعد الأخلاقي قائماً في السياسة الأمريكية كما أعتقد فإنه على الولايات المتحدة ألا تغادر العراق قبل أن تصبح الأوضاع في العراق أفضل أو على الأقل دون أن تكون أسوأ مما كانت عليه قبل الغزو الأمريكي لهذه الدولة. ولا يعني هذا البقاء في العراق إلى الأبد. وإنما يعني البقاء حتى يمتلك العراق الحد الأدنى من القدرة اللازمة لمواجهة تحدياته دون الحاجة إلى القوات الأمريكية.
مواجهة المقاومة
من جانبه، يرى جورج لوبيز كبير الباحثين في معهد كورك لدراسات السلام الدولي بجامعة نوتردام أن المطلوب من السلطات العراقية الجديدة الموالية للولايات المتحدة مواجهة المتمردين أو المقاومة سياسياً ودينياً وأيضاً وطنياً.
ولكن لا يمكن لهذه السلطات أن تواجه المقاومة العراقية على أسس دينية أو ثقافية أو وطنية دون أن تتخذ الولايات المتحدة عدة خطوات مؤلمة.
ويقول لوبيز إن أولى الخطوات التي يطلبها من الولايات المتحدة هي إعلان جدول زمني قابل للتنفيذ للانسحاب من العراق على أن يكتمل الانسحاب بحلول فبراير 2006م.
ولكي يكون لهذه الخطوة مصداقيتها يجب أن تقلص الولايات المتحدة حجم سفارتها في بغداد التي يعمل بها عدة آلاف وأصبحت أكبر بعثة دبلوماسية أمريكية في الخارج بحيث يتماشى حجم هذه البعثة مع حجم البعثات الأمريكية الأخرى في باقي دول المنطقة.
كما أنه على الولايات المتحدة تفكيك القواعد العسكرية الدائمة التي بدأت بالفعل في إقامتها بالعراق لتزيل الصورة الراسخة بأن أي حكومة عراقية ستعتمد على القوات الأمريكية.
ويضيف قائلاً: هناك اعتراضان على هذه الاستراتيجية: الأول تكتيكي ويتعلق بحقيقة أن إعلان موعد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق يعطي المسلحين والمتمردين العراقيين الفرصة للتخطيط للتعامل مع الموقف الجديد بعد الانسحاب الأمريكي.
والثاني سياسي حيث يمكن لمعارضي الإدارة الأمريكية القول بأن ما فعلته الولايات المتحدة هو (فرار مفاجئ) من ساحة المعركة وهو ما يمكن أن يفسر حتى من جانب حلفاء واشنطن كإشارة على ضعف الولايات المتحدة.
ويقول لوبيز إن الاعتراض الأول ليس له أي مصداقية. فالقادة الأمريكيون يقدمون دائماً صورة غير صحيحة لحجم ودوافع واستراتيجيات جماعات المقاومة المسلحة في العراق.
فعلى مدى العامين الماضيين أعلنت الإدارة الأمريكية أن هجمات المقاومة ستتراجع بعد اعتقال صدام حسين ثم قالت بعد نقل السلطة من سلطة الاحتلال برئاسة الأمريكي بول بريمر إلى حكومة عراقية مؤقتة برئاسة أياد علاوي. ثم عادت وقالت إنها ستتراجع بعد إجراء الانتخابات العامة في العراق.
ولكن أياً من هذه الأوهام الأمريكية لم يتحقق وإنما حدث العكس حيث زادت كثافة المقاومة وقوتها. وقد بات واوضحا أن الوجود العسكري الأمريكي في العراق هو الذي يوفّر تربة خصبة لظهور المزيد من المقاتلين المستعدين لمواجهة القوات الأمريكية والعراقية الموالية لها انطلاقا من أرضية وطنية.
ولذلك فإن إعلان الولايات المتحدة عن جدول زمني محدد لسحب قواتها من العراق سوف يسحب ورقة مقاومة الاحتلال من أيدي المسلحين في العراق. كما أن إعلانا من هذا النوع سوف يدعم موقف الحكومة العراقية باعتبارها نجحت في وضع حد للاحتلال.
ويواصل لوبيز تفنيد الاعتراضات الموجهة إلى رؤيته الداعية بالانسحاب السريع من العراق فيقول إن القول بأن الانسحاب السريع من العراق سيظهر الولايات المتحدة بمظهر الضعيف هو قول يخلو من أي منطق. فرغبة العراقيين في التخلص من المحتلين واوضحة.
وقد أشار استطلاع الرأي الذي أجراه معهد زغبي في يناير الماضي إلى أن 82 في المئة من العراقيين السنة العرب و69 في المئة من الشيعة يريدون خروج القوات الأمريكية من العراق سواء (فوراً أو بعد انتخاب حكومة عراقية).
إذن فخروج القوات الأمريكية من العراق أمام إجماع وطني عراقي على ذلك لا يمكن أن يكون مؤشرا على ضعف الولايات المتحدة إلا إذا كانت تعتبر نفسها قوات احتلال وليس قوة لمساعدة العراقيين كما تردد إدارة الرئيس بوش.
ثم إن الخطوات الأمريكية التي ستتلو الانسحاب هي التي ستحدد حكم كافة الأطراف على خطوة الانسحاب. فاستمرار التزام أمريكا بتقديم المساعدات الاقتصادية والدعم السياسي للعراقيين سوف يجعل النظرة إلى الولايات المتحدة إيجابية.
وينهي لوبيز مداخلته بالقول إن الانسحاب الأمريكي من العراق سيكون انتصارا لمنطق الخير على تراث الخوف.
المهمة الناقصة
وحملت مداخلة كينيث هايمس رئيس قسم الدراسات الدينية في كلية بوسطن كوليدج عنواناً يقول (نصف المهمة اكتمل). وفي هذه المداخلة قال كينيث هايمس إن الولايات المتحدة ذات القدرات العسكرية الهائلة تمكنت من الانتصار في الحرب ضد العراق. ولكن في ظل نزيف الدماء الذي تعاني منه القوات الأمريكية في العراق منذ تمكنت من إسقاط نظام صدام حسين واحتلال بغداد هل يجب على الولايات المتحدة الخروج من هذه الدولة التي كا يجب عليها ألا تغزوها منذ البداية؟
وفي إجابته عن هذا السؤال بدأ هايمس بالقول إن منظري عدالة الحرب اعتادوا التنقيب عن الأسباب التي تجعل من الحرب حرباً عادلة ثم دراسة كيفية خوض الحرب ومدى عدالة الوسائل التي تستخدم لخوضها. ولكن اعتقد أنه علينا الانتقال إلى مرحلة جديدة من البحث عن مدى عدالة الحرب وهي مرحلة ما بعد الحرب.
وفي هذه الحالة علينا طرح السؤال التالي: ما هي الالتزامات المفروضة على المحتل أو الغازي ومتى يمكن القول إنه أنجزها؟
وهنا يستحضر هايمس مقولة المفكر اللاتيني أوجستين أحد منظري خصائص الحرب العادلة أن توقف القتال لا يعني تحقق السلام. وهذا الكلام معناه أن ما حققته الولايات المتحدة في العراق حتى الآن ليس أكثر من نصف المهمة. فهي تمكنت بالفعل من القضاء على الجيش والنظام الذي كان يواجهها في الحرب.
ولكن الغزو يفرض التزامات محددة على الغازي أو المنتصر في مقدمتها الحفاظ على النظام الاجتماعي في الدولة الخاضعة للاحتلال في الوقت الذي يعيد فيه تأسيس حكومة جديدة للدولة المهزومة.
والحقيقة أن الأداء الأخلاقي للقوات الأمريكية في العراق لم يكن أبداً في مصلحة الأمريكيين.
ولهذا، يواصل هايمس، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها البقاء في العراق حتى تقوم المؤسسات الاجتماعية والسياسية القادرة على النهوض بأعباء المجتمع العراقي في المرحلة الجديدة أو حتى يظهر بوضوح أن وجود القوات الأجنبية في العراق غير مرغوب فيه أو أنها ليست قادرة على المساهمة الفعالة في بناء هذه المؤسسات.
أما بالنسبة لهؤلاء الأمريكيين المتحمسين لخروج بلادهم من العراق فإنهم يرون أنه ما دام الوجود العسكري الأمريكي في العراق هو السبب وراء اشتعال المقاومة العسكرية فإن خروج القوات الأمريكية من هناك يصبح مناسباً من الناحية الأخلاقية. ولكن هذا مجرد نصف الإجابة الصحيحة فقط.
فالمقاومة العراقية الآن مقاومة سنية لذلك فهؤلاء المسلحون العراقيون لن يقبلوا بأي حكومة لا تخضع لسيطرة السنة.
والقوات العراقية لا تستطيع حالياً الحفاظ على النظام الجديد الذي لا يخضع لسيطرة السنة الذين لا يشكلون أكثر من نصف سكان العراق.
والواجب على الولايات المتحدة القيام بكل جهد ممكن لضمان قيام نظام سياسي جديد في العراق يحظى بموافقة الأغلبية العراقية ويتمتع بالسيادة. وقد منحت الانتخابات التي جرت في العراق في يناير الماضي الحكومة الجديدة قدراً مقبولاً من الشرعية ولكن على الولايات المتحدة البقاء هناك لضمان استقرار هذه الحكومة.
وعندما تطلب حكومة عراقية مستقلة ومنتخبة بطريقة ديموقراطية من الولايات المتحدة سحب قواتها من العراق يجب أن يتم الانسحاب بسرعة. أما إذا طلبت هذه الحكومة من القوات الأجنبية البقاء في البلاد لتوفير أشكال مختلفة من المساعدة لها على الولايات المتحدة الاستجابة للطلب.
وينهي هايمس مداخلته بالقول إن شن حرب ظالمة لا يجب أن يكون مبرراً لترك الدولة التي تعرضت للحرب وبها سلام منقوص.
الخروج الأخلاقي
أما جان بيثكي إلشتاين، استاذة الأخلاق السياسية والاجتماعية في مدرسة ديفينتي بجامعة شيكاغو فتقول إنه لكي تكون أي حرب عادلة يجب أن يكون هدف هذه الدول التي تشن الحرب معاقبة طرف معتد أو القضاء على ظلم كبير.
وبالتأكيد فهذا يعني أن الهدف أكبر من مجرد موقف يبرر اللجوء للقوة العسكرية قبل اتخاذ القرار بإطلاق الرصاصة الأولى في الحرب. ثم إن قوة الاحتلال بعد الحرب تصبح ملزمة بعمل كل شيء للحيلولة دون الوصول إلى أسوأ النتائج.
وفي ضوء هذا المنظور الصارم ما هو شكل الخروج الأخلاقي لأمريكا من العراق؟
تحاول إيلشتاين الإجابة عن السؤال الذي طرحته بالقول إن على الدولة التي قامت بالعمل العسكري تقييم مسؤوليتها عن الموقف بعد الحرب. فإذا كان الدور المطلوب منها بعد الحرب محدودا يجب أن تتقلص مسؤوليتها بنفس القدر. ولكن في حالة العراق فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يتحملون الجزء الأكبر من عبء الحفاظ على الأمن والاستقرار.
والولايات المتحدة على وجه التحديد مسؤولة بشكل مباشر عن اتجاه الأمور في العراق بعد الحرب ولا توجد دولة أخرى ولا منظمة تشاركها هذه المسؤولية.
وبالطبع فهذا الموقف ليس الموقف الأمثل بالنسبة للولايات المتحدة رغم أنها القوة العظمى الوحيدة في العالم. فالأفضل بالنسبة لهذه القوة إشراك أكبر عدد ممكن من الحلفاء عندما تفكر في شن حرب.
ولكن في ضوء حقيقة أن الأمم المتحدة تتعامل بسلبية كاملة مع أنظمة الحكم المستبدة في العالم يصبح من المستحيل التعويل على المجتمع الدولي في حالة السعي إلى الإطاحة بنظام ديكتاتوري في أي دولة من دول العالم كما حدث عندما شنت أمريكا حربها ضد العراق دون قرار من الأمم المتحدة.
ولكن غياب هذا القرار لا يعني أن من حق الدول التي لم تشارك في الحرب البقاء بعيداً عن المأساة الحادثة في العراق وعليها أن تشارك في جهود إعادة بناء الدولة والاستقرار هناك في الوقت الذي نؤكد فيه أن المسؤولية المطلقة في هذا المجال تتحملها الدول التي شاركت بشكل مباشر في الإطاحة بصدام حسين.
والدول المسؤولة عن الموقف في العراق بعد الحرب تتحمل عبئا أساسيا في إعادة بناء البنية الأساسية في العراق وكذلك معالجة الأضرار البيئية التي نتجت بشكل مباشر عن العمليات العسكرية.
ويجب على أطقم العمل المدينة التركيز على الاحتياجات الأساسية للعراقيين مثل توفير المياه والكهرباء ثم بعد ذلك إعادة تأهيل المدارس والمستشفيات وغيرها من مؤسسات الخدمات الاجتماعية. وهذا يعني أن يترك الغزاة الشعب في الدولة المحتلة بالإضافة إلى البيئة على نطاق أوسع في حالة افضل مما كانت عليه قبل الغزو.
ولكن المشكلة تكمن في حقيقة أن إقامة حكومة عراقية تتمتع بشرعية حقيقية عمل مثير للجدل بصورة كبيرة. كما أنه على قوى الاحتلال توفير الأمن والدفاع عن الدولة المحتلة وشعبها. وإذا تم تسريح جيش الدولة المحتلة كما حدث في العراق فإنه يصبح على قوة الاحتلال مسؤولية حماية تلك الدولة من الأعداء الداخليين والخارجيين.
ولكن إلى أي مدى يستمر هذا الوضع وإلى اي حدود؟
هذا يتوقف على التهديدات التي تواجه العراق والسرعة التي يجري بها إعادة بناء الجيش والشرطة في العراق حتى يمكن للقوات العراقية الدفاع عنه ضد أعداء الخارج وحفظ الأمن في الداخل.
وتنهي إيلشتاين مداخلتها بالقول إنه على قوة الاحتلال التحرك إذا ما ظهر أن نظام الحكم الجديد الذي خرج من عباءتها مجرد استنساخ لنظام صدام حسين القائم على الإرهاب والاستبداد. معنى هذا أنه وكما تولت الولايات المتحدة حماية الحكومة الديموقراطية على النمط الغربي في ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ولمدة عشرات السنين من الحرب الباردة أثناء النظام العالمي ثنائي القطبية عليها أن تلتزم تماما بضرورة قيام عراق جديد ديموقراط ي ومستقر. وكما التزم الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية بعدم السماح بظهور نظام نازي جديد في ألمانيا، على الولايات المتحدة في العراق إظهار أكبر قدر ممكن من اليقظة حتى لا يظهر صدام حسين من جديد.
المخرج الإسلامي
وتحت عنوان (الحل الإسلامي) يقدم سهيل هاشمي، الأستاذ المساعد للعلاقات الدولية في كلية مونت هوليكي كوليدج الأمريكية مداخلته ويقول إنه في الوقت الذي تكافح فيه الولايات المتحدة من أجل الوصول إلى أفضل طريق للخروج من العراق، فعلى العالم الإسلامي التفكير في أفضل طريقة للدخول إلى العراق.
وعلى قادة المجتمع المدني والزعماء السياسيين والدينيين في العالم الإسلامي تجاوز مرحلة السخط والعداء التي أشعلتها الحرب الأمريكية على العراق.
والحقيقة أن أياً من الدول الإسلامية لم تشارك في (تحالف الإرادة) الذي قادته الولايات المتحدة لغزو العراق. كما أن عددا قليلا جداً من الدول الإسلامية تقدم أي مساعدات للعراق في مرحلة ما بعد الحرب.
وبعد الانتخابات التي أجريت في العراق في يناير الماضي لا يمكن للمسلمين والدول الإسلامية الاكتفاء بالتنديد بالحرب. فالإسلام يلزمنا بمد يد المساعدة إلى الشعب العراقي من أجل بناء دولة أكثر ازدهارا واستقرارا. وكما يقول الله تعالى في كتابه الكريم {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. وقبل كل شيء فالقيم الإسلامية تلزم المسلمين بالتوقف عن مساعدة القتلة أو الإرهابيين الذين يزعمون أنهم مجاهدون.
ونظرا لأن الغالبية الساحقة من المسلمين تتعاطف مع هدف المقاومة العراقية الرامي إلى طرد الولايات المتحدة من العراق فإنهم يقبلون بعض الفظائع التي ترتكبها الفصائل المسلحة في العراق. ولكن القتل العشوائي والخطف والذبح والتعذيب للمدنيين من خلال التفجيرات الانتحارية ليست جهاداً. ولكنها أعمال إجرامية ويجب أن يدينها كل المسلمين.
ويجب أن تحل قوات عربية وإسلامية بقرار من جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي محل قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية وغيرها من القوات الأوروبية في العراق لتتولى هذه القوات العربية والإسلامية مهمة حفظ السلام في العراق حتى يتمكن الجيش والشرطة في العراق بالنهوض بهذه المهمة.
ويمكن الاستعانة بقوات من المغرب ومصر وباكستان وبنجلاديش. ومن المؤكد أن يؤجج مشروع الدستور العراقي الجديد الذي يجري إعداده حاليا جدلا داخل وخارج العراق بشأن التكامل بين الإسلام والديموقراطية.
ولكن يجب ألا يشتت هذا الجدل الانتباه عن المبدأ الأخلاقي الأساسي وهو حق الشعب العراقي في تقرير مصيره. فالدستور هو أفضل وسيلة لتوفير الأمن والرفاهية والعدل لكل المواطنيين العراقيين سواء كانوا سنة أو شيعة أو أكرادا.
في الوقت نفسه فإن العراقيين المسلمين وغير المسلمين سيتمسكون بدستور إسلامي. ثم إن قيام نظام ديموقراطي في العراق سوف يفيد كل العرب والمسلمين. في حين انهيار التجربة العراقية إلى فخ الحرب الأهلية لن يفيد أحداً.
لذلك على القادة المسلمين تفادي الأخطاء التي ارتكبوها في الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق ليس فقط عام 2003م ولكن أيضا عام 1991م قبل حرب عاصفة الصحراء لإنهاء الغزو العراقي للكويت.
لقد كان على هؤلاء القادة العمل من أجل عزل وإسقاط نظام صدام حسين المستبد عندما هاجم إيران ثم عندما غزا الكويت.
ويختم سهيل هاشمي مداخلته بالقول إن صدام حسين الآن ينتظر المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ويجب أن تكون محاكمته وفقاً لكل من القوانين الدولية والقوانين الإسلامية. ويجب السماح لكل من الكويتيين والإيرانيين بالمشاركة في المحاكمة باعتبارهم مواطني دول تعرضوا للمعاناة بسبب جرائم صدام حسين.
وبعد كل هذه المداخلات يمكن القول إن معطيات المأزق الأمريكي في العراق لم تتغير كثيراً رغم مرور أكثر من عامين على احتلال العراق ورغم جريان مياه كثيرة في النهر بدءاً من إقامة حكومة عراقية مؤقتة تحل محل سلطة الاحتلال وحتى إجراء انتخابات عراقية وتشكيل حكومة تستند على نتيجة هذه الانتخابات مروراً بقتل نجلي صدام حسين عدي وقصي ثم اعتقال صدام حسين ثم معركة الفلوجة.
ويمكن تلخيص المأزق الأمريكي بكلمات قليلة هي أن الولايات المتحدة تدفع ثمناً باهظاً لاستمرارها في العراق لكنها لا تستطيع التفكير في الخروج منه الآن.

..... الرجوع .....

الطب البديل
الفن السابع
الفن العربي
عالم الاسرة
المنزل الانيق
المستكشف
أنت وطفلك
خارج الحدود
الملف السياسي
السوق المفتوح
استراحة
إقتصاد
منتدى الهاتف
تحقيق
مجتمعات
من الذاكرة
روابط اجتماعية
x7سياسة
الحديقة الخلفية
صحة وغذاء
شاشات عالمية
رياضة
تميز بلا حدود
الصفحة الرئيسة

ارشيف الاعداد الاسبوعية

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2002, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved