Al Jazirah Magazine Tuesday  13/02/2007 G Issue 206
المستكشف
الثلاثاء 25 ,محرم 1428   العدد  206
 

اكتشف أنه الأفضل في علاج الملاريا القاتلة
الصين.. موطن عشب أرتيميزيا

 

 

لو لم يكن لنبات الشيح الصيني تلك الرائحة القوية المنعشة لكان من الممكن الخلط بينه وبين أي نبات آخر.

ولكن خبراء الطب يعتبرون هذا النوع من الأعشاب واسمه العلمي ارتيميزيا أنه وعلى نطاق واسع أفضل علاج للملاريا الذي هو واحد من أكبر الأمراض القاتلة في العالم.

وفي لوفوشان في إقليم جوانج دونج بجنوب الصين تم استخدام هذا العشب الذي تشبه أوراقه نبات السرخس في الطب الصيني قبل أكثر من 1600 سنة.

وما من أحد يعلم كيفية اكتشاف الصينيين لخواص هذا العشب في العلاج ولكن الطبيب جي هونج (283-363 ميلادية) كان أول من تحدث عنه في كتابه عن طب الطوارئ عندما كان راهبا تاويا في هذه المنطقة الجبلية.

يقول تشانج شاو بينج من شركة جوانج دونج نيو ساوث جروب المحدودة التي تنتج أنواع العلاج المعتمدة على توليفات مادة الأرتيميسينين (الرهبان التاويون كانت تسيطر عليهم فكرة الإكسيرات. لم يعثر جي هونج أبدا على إكسير ولكنه اكتشف الكثير من الأدوية العشبية وكان أول من سجل خواص الأرتيميسينين).

ومادة الأرتيميسينين هي مركب يحارب الملاريا ويستخرج من هذا العشب ويستخدم في معالجة المرض المسبب للحمى والقيء وآلام في الجسم والإسهال والأنيميا وقلة التركيز والهذيان والتشنجات والغيبوبة ثم الوفاة في نهاية الأمر.

وتتدهور حالة الأطفال والسيدات الحوامل على وجه الخصوص سريعا بسبب ضعف جهاز المناعة كما أن الأطفال الرضع يمكن أن يتوفوا خلال 24 ساعة من إصابتهم بالمرض ما لم تتم معالجتهم. وتوصي منظمة الصحة العالمية باستخدام الأرتيميسينين إلى جانب أدوية أخرى أو أشكال العلاج المعتمدة على توليفات الأرتيميسينين لإبطاء تكون أي مقاومة من طفيل الملاريا. وتجرى بحوث مكثفة للتوصل إلى دواء فعال مضاد للملاريا وفي الوقت ذاته يسبب الحد الأدنى من الأعراض الجانبية. ويسبب المرض وفاة أكثر من مليون شخص سنويا أو شخص كل 30 ثانية، ويقع ضحيته ما بين 300 و500 مليون مريض. وتحدث 90 في المائة من الوفيات في منطقة جنوبي الصحراء الإفريقية. وتعتبر منظمة الصحة العالمية الملاريا ومرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز) أكثر المشكلات الصحية تدميرا في الوقت الراهن إذ يسببان وفاة أربعة ملايين شخص سنويا.

وتمثل إفريقيا والكثير من أجزاء آسيا وأمريكا الجنوبية منذ فترة طويلة مراتع خصبة لطفيل الملاريا ولكنها ليست مشكلة بالنسبة للدول الفقيرة فحسب؛ إذ إنه حتى الدول الأكثر تقدما التي تنشر قوات في مناطق بعيدة وعادة ما تكون ممتلئة بالبعوض تبحث عن أفضل علاج للمرض. ومما يزيد من الحاجة العاجلة للتوصل إلى علاج هو عدم وجود لقاح ضد طفيل الملاريا الذي أصبح يقاوم مواد معروفة مضادة للملاريا مثل الكلوروكين والبيريميثامين. كانت مادة الكينين المستخرجة من لحاء شجر الكينا بأمريكا الجنوبية وتستخدم منذ أكثر من 160 عاما العلاج الأمثل حتى أوائل القرن الحادي والعشرين عندما حل الأرتيميسينين محلها في تجربة جنوب شرق آسيا للكينين والأرتيميسينين المثيرة للجدل التي أجريت من يونيو حزيران عام 2003 حتى مايو أيار عام 2005م.

وفي هذه التجربة الإكلينيكية الأكبر على الإطلاق على المرضى المصابين بملاريا حادة قسم الأطباء في الهند وبنجلادش وإندونيسيا وميانمار ألفي مريض مصابين بملاريا حادة إلى مجموعتين، الأولى تعالج بالأرتيميسينين والثانية بالكينين.

قال ارجين دونجورب من جامعة ماهيدول في تايلاند متحدثا عن التجربة في مؤتمر عن مكافحة الملاريا في مدينة جوانج تشو بجنوب الصين مؤخرا (اضطررنا لوقف التجربة بسبب الفارق الكبير في الوفيات بين المجموعتين).

وتوفي 20 في المائة من المرضى من المجموعة التي عولجت بالكينين في حين أن 15 في المئة توفوا من المجموعة التي عولجت بالأرتيميسينين.

وقال (الأرتيميسينين أفضل من الكينين في كل المجموعات الفرعية للمرضى المصابين بالملاريا الحادة. الأرتيميسينين هو الاختيار الأمثل لعلاج الملاريا الحادة).

ولم يبدأ الجيش الصيني حملة بحث مكثفة لعلاج جيد للملاريا قبل أواخر الستينات من القرن الماضي وحينئذ تمكن علماء البلاد من اكتشاف تلك المادة المضادة للملاريا الموجودة في نبات الشيح الصيني أي مادة الأرتيميسينين.

والصين الموطن الأصلي لنبات أرتيميزا أنوا تصدر الآن أشكال العلاج المعتمدة على توليفات الأرتيميسينين إلى الكثير من الدول التي تعاني من انتشار الملاريا بها. ويجري وضع خطط لتصدير تكنولوجيتها وخبرتها إلى دول افريقية تمثل فيها الملاريا أكبر سبب للوفاة وتحتاج للدواء لمكافحته.

وفي لوفوشان يمكن أن يرى الزائرون بركة صغيرة حيث كان يغسل فيها جي هونج الأعشاب ثم يتركها في الهواء لتجف. وبالقرب منها يوجد الفرن الذي كان يصنع فيه الإكسيرات المختلفة التي كان ينتجها. وبالقرب من البركة لوحة عليها تفاصيل ما كتبه جي هونج عن هذا العشب السحري الذي يقول عنه علماء العصر الحديث إنه قادر على السيطرة على الحمى الشديدة التي تسببها الملاريا خلال أقل من ساعتين في بعض الحالات.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة